دين ودنيا

الكلمة لي        وليضربن بخمرهن عن جيوبهن …

هتا نابل / الجمهورية التونسية

 

الكلمة لي

وليضربن بخمرهن عن جيوبهن …

 

بقلم المعز غني

[ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ]

هذا أمر من الله تعالى للنساء المؤمنات ، وغيرة منه لأزواجهن ، عباده المؤمنين ، وتمييز لهن عن صفة نساء الجاهلية وفعال المشركات . وكانعلى البغاء إن أردن تحصنا ) سبب نزول هذه الآية ما ذكره مقاتل بن حيان قال : بلغنا – والله أعلم – أن جابر بن عبد الله الأنصاري حدث : أن ” أسماء بنت مرشدة ” كانت في محل لها في بني حارثة ، فجعل النساء يدخلن عليها غير متأزرات فيبدو ما في أرجلهن من الخلاخل ، وتبدو صدورهن وذوائبهن ، فقالت أسماء : ما أقبح هذا . فأنزل الله : ( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ) الآية .

فقوله تعالى : ( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ) أي : عما حرم الله عليهن من النظر إلى غير أزواجهن . ولهذا ذهب [ كثير من العلماء ] إلى أنه : لا يجوز للمرأة أن تنظر إلى الأجانب بشهوة ولا بغير شهوة أصلا . وإحتج كثير منهم بما رواه أبو داود والترمذي ، من حديث الزهري ، عن نبهان – مولى أم سلمة – أنه حدثه : أن أم سلمة حدثته : أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وميمونة ، قالت : فبينما نحن عنده أقبل إبن أم مكتوم ، فدخل عليه ، وذلك بعدما أمرنا بالحجاب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

” إحتجبا منه ” فقلت : يا رسول الله ، أليس هو أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” أو عميا وأن أنتما …؟ ألستما تبصرانه …؟ ” .

ثم قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح .

وذهب أخرون من العلماء إلى جواز نظرهن إلى الأجانب بغير شهوة ، كما ثبت في الصحيح : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل ينظر إلى الحبشة وهم يلعبون بحرابهم يوم العيد في المسجد ، وعائشة أم المؤمنين تنظر إليهم من ورائه ، وهو يسترها منهم حتى ملت ورجعت .

وقوله : ( ويحفظن فروجهن ) قال سعيد بن جبير : عن الفواحش . وقال قتادة وسفيان : عما لا يحل لهن . وقال مقاتل : ، عن الزنا. وقال أبو العالية : كل آية نزلت في القرآن يذكر فيها حفظ الفروج ، فهو من الزنا ، إلا هذه الآية : ( ويحفظن فروجهن ) ألا يراها أحد .

وقال : ( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ) أي : لا يظهرن شيئا من الزينة للأجانب ، إلا ما لا يمكن إخفاؤه .

وقال إبن مسعود : كالرداء والثياب . يعني : على ما كان يتعاناه نساء العرب ، من المقنعة التي تجلل ثيابها ، وما يبدو من أسافل الثياب فلا حرج عليها فيه لأن هذا لا يمكن إخفاؤه . [ ونظيره في زي النساء ما يظهر من إزارها ، وما لا يمكن إخفاؤه وقال ] بقول إبن مسعود : الحسن ، وإبن سيرين ، وأبو الجوزاء ، وإبراهيم النخعي ، وغيرهم .

وقال الأعمش ، عن سعيد بن جبير ، عن إبن عباس : ( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ) قال : وجهها وكفيها والخاتم . وروي عن إبن عمر وعطاء وعكرمة وسعيد بن جبير ، وأبي الشعثاء ، والضحاك ، وإبراهيم النخعي ، وغيرهم – نحو ذلك .

وهذا يحتمل أن يكون تفسيرا للزينة التي نهين عن إبدائها ، كما قال أبو إسحاق السبيعي ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله قال في قوله : ( ولا يبدين زينتهن ) : الزينة القرط والدملج والخلخال والقلادة . وفي رواية عنه بهذا الإسناد قال : الزينة زينتان : فزينة لا يراها إلا الزوج : الخاتم والسوار ، [ وزينة يراها الأجانب ، وهي ] الظاهر من الثياب .

وقال الزهري : لا يبدو لهؤلاء الذين سمى الله ممن لا يحل له إلا الأسورة والأخمرة والأقرطة من غير حسر ، وأما عامة الناس فلا يبدو منها إلا الخواتم .

وقال مالك عن الزهري : ( إلا ما ظهر منها ) الخاتم والخلخال .

ويحتمل أن إبن عباس ومن تابعه أرادوا تفسير ما ظهر منها بالوجه والكفين ، وهذا هو المشهور عند الجمهور ، ويستأنس له بالحديث الذي رواه أبو داود في سننه :

حدثنا يعقوب بن كعب الإنطاكي ومؤمل بن الفضل الحراني قالا حدثنا الوليد عن سعيد بن بشير ، عن قتادة ، عن خالد بن دريك ، عن عائشة ، رضي الله عنها; أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق ، فأعرض عنها وقال : يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا .

وأشار إلى وجهه وكفيه .

لكن قال أبو داود وأبو حاتم الرازي : هذا مرسل خالد بن دريك لم يسمع من عائشة ، فالله أعلم .

وقوله : ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) يعني : المقانع يعمل لها صنفات ضاربات على صدور النساء ، لتواري ما تحتها من صدرها وترائبها; ليخالفن شعار نساء أهل الجاهلية ، فإنهن لم يكن يفعلن ذلك ، بل كانت المرأة تمر بين الرجال مسفحة بصدرها ، لا يواريه شيء ، وربما أظهرت عنقها وذوائب شعرها وأقرطة آذانها . فأمر الله المؤمنات أن يستترن في هيئاتهن وأحوالهن ، كما قال الله تعالى : ( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ) [ الأحزاب : 59 ] . وقال في هذه الآية الكريمة : ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) والخمر : جمع خمار ، وهو ما يخمر به ، أي : يغطى به الرأس ، وهي التي تسميها الناس المقانع .

قال سعيد بن جبير : ( وليضربن ) : وليشددن ( بخمرهن على جيوبهن ) يعني : على النحر والصدر ، فلا يرى منه شيء .

اللهم أشهد لقد بلغت .

مع خالص تحياتي ومودتي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى