مقال

أبو جهل عمرو بن هشام ” جزء 1″

أبو جهل عمرو بن هشام ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكــرورى

 

لما صدع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بأمر ربه، ودعا أهل مكة إلى التوحيد وترك عبادة الأصنام، لقي من قريش عنتا وشدة، وإعراضا وإيذاء، وكان أبو جهل من أوائل وأشد المشركين إيذاء للنبي صلى الله عليه وسلم، وأبو جهل كنية لعدو الله عمرو بن هشام، كناه بها النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن كان يُكنى بأبي الحكم، وذلك لشدة عداوته وإيذائه للنبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين، وكان كفار الجاهلية وزعماؤهم من أهل مكة وقريش يبذلون كل ما استطاعوا لمحاربة النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه وصدهم عن دين الله تعالى، وكان من أبرز هؤلاء رجل اسمه عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي المعروف بأبو جهل، وهو أبو جهل عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي القرشي الكناني وكان سيدا من سادات بني قريش من قبيلة كنانة.

 

وكان من أشد المعادين لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكنيته أبو الحكم، ولكن أبو جهل كناه بها النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بعد أن كان يُكنى بأبي الحكم، وذلك لقتله امرأة عجوزا طعنا بالحرباء في قبلها حتى الموت، بسبب جهرها بالإسلام، وهي السيدة سمية بنت خياط، وأبو جهل هو فرعون هذه الأمة وهو ليس جاحدا بالله، وليس ملحدا، وليس مدعيا الألوهية، بل هو يستغيث بالله رب السماوات والأرض له، حين يطلب العون، وهو يعرف بأن الله تعالى رب السماوات والأرض له من القدرة ما لا طاقة للبشر بحربه، ومع ذلك كله لم يجعله هذا الأمر يقرب خطوة واحدة من الإيمان، أو يحسب في عداد المؤمنين، ومن مواقف وصور الإيذاء والعداء من أبي جهل للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم، التي سجلتها السيرة النبوية.

 

وهى ضرب النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي عند الكعبة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال ” قال أبو جهل هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم بالسجود والصلاة؟ فقيل نعم، فقال واللات والعزى لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن على رقبته، أو لأعفرن وجهه في التراب، قال فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، ليطأ على رقبته، قال فما فجئهم أي بغتهم منه إلا وهو ينكص أي بمعني يرجع على عقبيه، ويتقي بيديه، قال فقيل له ما لك؟ قال إن بيني وبينه لخندقا من نار وهولا وأجنحة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا ” رواه مسلم، ونشأ عمرو بن هشام في مكة و تربّى فيها، وحين بلغ أشده وجدت فيه قريش الحكمة وصواب الرأي، فسماه بعضهم بأبي الحكم، وقد كان للمشركين في مكة دار تسمى دار الندوة.

 

يجتمع فيها زعماؤهم وحكماؤهم يتشاورون في الأمور الكبيرة ويتخذون فيها القرارات المصيرية، وقد كان عمرو من رجال دار الندوة، وكانوا يستشيرونه في كل شيء، فلما بُعث النبي صلى الله عليه و سلم فقد عمرو بن هشام عقله وجن جنونه واستشاط غضبا، لأنه كان يرى أن بني مخزوم وهي القبيلة التي كان ينتمي إليها تستحق أن تكون فيها النبوة، وقد عبّر عن ذلك يوما بقوله لزعماء قريش إن بني هاشم قد حظوا بالسقاية الرفادة ثم جاؤوا ليحظوا بالنبوة كذلك، فكان سبب عدم إسلامه كفره وتكبره وعناده عن قبول دعوة الحق، إلى جانب القبلية التي كانت في نفسه و التحيز لعشيرته بني مخزوم، وبعد أن رأت قريش منه ذلك سماه عمه الوليد بن المغيرة أبو جهل لأنه فقد الحكمة التي كانت يتمتع بها بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم.

 

وقد ظل أبو جهل يحارب الإسلام والمسلمين، وقد كان صاحب فكرة قتل النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، ويروى أنه حاول قتله ذات مرة وذلك برمي حجر عليه، ولكن الله عز وجل عصم نبيه فرأى أبو جهل إبلا عظيمة تهم أن تأكله وحالت بينه وبين ما يريد، ومن صور العداء الشديد من أبي جهل للنبي صلى الله عليه وسلم، أنه طاف بالبيت ذات ليلة ومعه الوليد بن المغيرة، فتحدثا في شأن النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو جهل والله إني لأعلم أنه لصادق، فقال له مه، وما دلك على ذلك؟ قال يا أبا عبد شمس، كنا نسميه في صباه الصادق الأمين، فلما تم عقله وكمل رشده، نسميه الكذاب الخائن، والله إني لأعلم إنه لصادق، قال فما يمنعك أن تصدقه وتؤمن به؟ قال تتحدث عني بنات قريش أني قد اتبعت يتيم أبي طالب من أجل كسرة، واللات والعزى لن أتبعه أبدا، فنزل قول الحق سبحانه وتعالى ” وختم علي سمعه وقلبه”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى