مقال

الدكرورى يكتب عن موقعة الجمل ” جزء 7″

الدكرورى يكتب عن موقعة الجمل ” جزء 7″

بقلم / محمــــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السابع مع موقعة الجمل، وبعد أن انتهت المعركة أدركت أنها كانت على خطأ، وندمت على قدومها، وكانت بعد ذلك كلما ذُكرت موقعة الجمل، بكت، وتمنت لو أنها قد ماتت قبل هذا اليوم بعشرين سنة، ثم أمر علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن يوضع هودج السيدة عائشة رضى الله عنها وهي فيه في أفخر بيوت البصرة، وكان بيت رجل يُسمى عبد الله بن خلف الخزاعي، تحت الحماية والحراسة معززة مكرمة، ويذهب علي بن أبي طالب رضي الله عنه ليتفقد قتلى الفريقين، وكانت لحظات شديدة، وقاسية عليه رضي الله عنه، وكان يبكي بكاء مرا شديدا، ويمر رضي الله عنه على طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه، وهو مقتول، وشهيد في ساحة المعركة، ويجلس بجواره، ويبكي، ويقول لهفي عليك يا أبا محمد، ويمر على محمد بن طلحة بن عبيد الله.

 

والذي قتل أيضا في هذه المعركة، فيبكي عليه، ويقول هذا الذي كنا نسميه السجّاد، من كثرة سجوده، وقد كان رضي الله عنه تقيا ورعا، ويمر رضي الله عنه على القتلى من الفريقين يدعو لهم جميعا بالمغفرة والرحمة ويصلي على الشهداء من الفريقين، ويأمر بدفنهم، وتجمع الأسلاب وهو ما تركه جيش البصرة، فيضع علي رضي الله عنه هذه الأشياء في مسجد البصرة ويقول من كان له شيء يعرفه فليأخذه، ويأمر رضي الله عنه بعدم الإجهاز على الجرحى، بل مداواتهم، وعدم متابعة الفارّين وألا يقتل أسير، وذلك لأن كلا الفريقين كان يظن أنه على الحق وكلاهما من المسلمين، ويريد أهل الفتنة أن توزع عليهم الغنائم، ومن فقه علي رضي الله عنه أن قال بعدم وجود الغنائم بين المسلمين، وإنما تكون الغنائم من الأعداء، ومع إصرار أهل الفتنة على رأيهم.

 

قال لهم علي رضي الله عنه فلنقسم الغنائم، ففي سهم مَن تكون السيدة عائشة؟ فبهتهم بهذا القول، فتركوه، وانصرفوا، ويذهب علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى السيدة عائشة رضي الله عنها في بيت عبد الله بن خلف الخزاعي، ويجهزها للذهاب إلى مكة بأفضل ما يكون التجهيز، ويختار لها أربعين امرأة هن أشرف نساء البصرة ليرافقنها إلى مكة، ومعها محمد بن أبي بكر، وعمار بن ياسر رضي الله عنهم جميعا، وعلى باب بيت عبد الله بن خلف الخزاعي ذكر لعلي رضي الله عنه أن اثنين من الناس يذكران السيدة عائشة بسوء، فأمر بجلد كل واحد منهما مائة جلدة تعزيرا له على سبه أم المؤمنين، وزوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد استشهد في هذه المعركة العظيمة من كلا الفريقين عشرة آلاف، خمسة آلاف من جيش علي رضي الله عنه.

 

وخمسة آلاف من جيش السيدة عائشة، وطلحة، والزبير رضي الله عنهم جميعا، وكل من المسلمين، وقتل على أيدي المسلمين، وهذا العدد الضخم في يوم واحد، بينما قتل في معركة القادسية ثمانية آلاف ونصف، وشهداء اليرموك كانوا ثلاثة آلاف، وشهداء معركة الجسر التي كانت من أشد الكوارث على المسلمين كانوا أربعة آلاف، بينما شهداء موقعة الجمل عشرة آلاف بأيدي المسلمين، فكانت من أشد البلاء على المسلمين، وقد أخبر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أن من أشراط الساعة ظهور الفتن العظيمة التي يلتبس فيها الحق بالباطل حتى تزلزل الإيمان فيصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا، كلما ظهرت فتنة قال هذه مهلكتي ثم تنكشف ويظهر غيرها فيقول هذه هذه، ولا تزال الفتن تظهر في الناس إلى أن تقوم الساعة”

 

ويقال إن السيدة عائشة رضى الله عنها، ندمت أشد الندم على يوم الجمل لدرجة أنها كانت تقول دوما ” ليتنى مت قبل يوم الجمل ” ولم تتهم عليا يوما بدم عثمان، ورغم أنها كانت تتمنى غيره للخلافة إلا أنها كانت تردد دوما أنه أحبّ الناس إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى