مقال

الدكروري يكتب عن خطورة كلام الناس ” جزء 2″ 

الدكروري يكتب عن خطورة كلام الناس ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثاني مع خطورة الخوف من كلام الناس، والخوف من أن يتكلم الناس فيك قد يكون ممدوحا إذا كان هذا الخوف يمنعك من الوقوع في أمور ينبذها عرف الناس وتقاليد المجتمع، ليس لحرمتها وإنما لكونها لا توافق الذوق العام، كمثل الذي يمتنع عن الخروج إلى الشارع بسراويله الداخلية، أو يمتنع من مضغ العلك في مجلس عام، خوفا من أن يتكلم الناس فيه فيسخروا منه ونحو ذلك، لذلك ينبغي للمسلم أن يسعى لحفظ عرضه وأن يبتعد عن كل ما يشينه ويعرضه لطعن الناس وغيبتهم ومن امتنع من الوقوع في أمر محرم أو منهيٍ عنه، خوفا من كلام الناس عليه، فهو لن يثاب على تركه لهذا المنكر لأنه لم يتركه من أجل الله تعالى، وإنما تركه خوفا من كلام الناس أو لمكانته الاجتماعية، فالمرأة التي تمتنع عن التبرج خوفا من بطش زوجها.

 

أو انتقاد أهلها ومجتمعها لها، لن تثاب على تركها لهذا التبرج، لأنها لم تتركه لله عز وجل، فتخسر بذلك أجرا كبيرا، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” يقول الله عز وجل إذا أراد عبدي أن يعمل سيئة فلا تكتبوها عليه حتي يعملها، فإن عملها فاكتبوها بمثلها، وإن تركها من أجلي فاكتبوها له حسنة، وإذا أراد أن يعمل حسنة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة فإن عملها فأكتبوها له بعشر أمثالها إلي سبع مائة ضعف” رواه البخاري، ومن فعل طاعة خوفا من انتقاد الناس له، فضحه الله تعالى يوم القيامة، فالذي يصلي مثلا خوفا من أن يتكلم الناس عليه، سيفضحه الله تعالى يوم لقيامة حينما يجعل ظهره طبقة واحدة فلا يستطيع السجود حين يؤمر الناس بالسجود، فقال النبى صلى الله عليه وسلم.

 

” فيكشف عن ساق فلا يبقي من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود، ولا يبقي من كان يسجد اتقاء ورياء، أي بمعني اتقاء لكلام الناس عليه، إلا جعل الله ظهره طبقة واحده كلما أراد أن يسجد خر علي قفاه” رواه مسلم، ويكون الخوف من كلام الناس مذموما إذا منعك عن فعل الخير واضطرك إلى ارتكاب المنهيات أو المكروهات، وهذا ما يكثر في حياة الناس اليوم، فهم لا يستجيبون لكثير من أوامر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم إما اتباعا للهوى، أو خوفا من كلام الناس وانتقادهم، وكلا الأمران لن يقيا العبد من عذاب الله، وترى بعض الناس يبالغون في الإسراف في ولائم الزواج، ولو سألت أحدهم عن سبب إسرافه أو تبذيره، لوجدت أنه الخوف من كلام الناس؛ الخوف أن ينتقدوه أو يعيروه بأنه لم يؤدي واجب الضيافة.

 

ولكنه لم يخف من بغض الله للمسرفين حيث يقول الله عز وجل ” ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين” ولنا عبرة في أبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم، الذي امتنع عن دخول الإسلام رغم معرفته بالحق خوفا أن تعيره العرب، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ” قل لا إله إلا الله، أشهد لك بها يوم القيامة” قال لولا أن تعيّرني قريش، يقولون إنما حمله على ذلك الجزع لأقررت بها عينك” رواه مسلم، فخاف من كلام الناس وانتقادهم فهل نفعوه؟ فلنعلم جميعا أن الذي يترك ما يحبه الله تعالى من أجل الناس، ويرتكب ما يغضب الله سبحانه خوفا من ألسنة الناس، أن هؤلاء الناس لن ينفعوك بشيء، فلن يدخلوا معك قبرك، ولن يثقلوا ميزان حسناتك، ولن يمسكوا بيدك للمرور على الصراط يوم القيامة، فاحرص على ما ينفعك، ودع الناس وكلامهم إن كان يصدك عن طاعة الله عز وجل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى