مقال

الدكرورى يكتب عن بر الأمهات ” جزء 1″

جريدة الأضواء

الدكرورى يكتب عن بر الأمهات ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

إن برالأمهات من الأمور التي جبل الله عليها بني آدم وفطرهم عليها وقد اتصف الأسوياء منهم وأكملهم وهم الأنبياء والمرسلون ومن بعدهم من العباد الصالحون فهذا نبى الرحمة والشفقة رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي عام الحديبية وقد مر بالأبواء حيث دفنت أمه ومعه أصحابه فيذهب لزيارة قبرها فيبكي ويبكي من حوله فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم” استأذنت ربي أن أستغفر لها فلم يأذن لي، وأستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور فإنها تذكر الآخرة” رواه مسلم، وهذا نبى الله يحيى عليه السلام، يحوز ثناء الله تعالى ويمدحه بوصفه عظيم البر، وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا، وقد ذكر الله سبحانه دعاء الأنبياء لوالديهم في غير ما آية من كتابه الكريم ومن ذلك دعاء نبى الله نوح عليه السلام فقد قال رب أغفر لي ولوالدى ولمن دخل بيتي مؤمنا.

 

ومن دعاء نبى الله الخليل إبراهيم عليه السلام ربنا أغفر لي ولوالدى وللمؤمنين يوم يقوم الحساب، ومن عظيم البر لسلفنا الصالح فقد كان أبو هريرة رضى الله عنه إذا أراد الخروج وقف على باب أمه فيقول السلام عليك يا أماه، فتقول وعليك السلام يا ولدي ورحمة الله وبركاته، فيقول رحمك الله كما ربيتني صغيرا، فتقول رحمك الله كما بررتني كبيرا، وهذا محمد بن المنكدر رحمه الله كان يضع خده على الأرض ثم يقول لأمه ضعي قدمك على خدي، وأراد ابن الحسن التميمى قتل عقرب، فدخلت في حجر فأدخل أصابعه خلفها، فلدغته فقيل له في ذلك؟ قال خفت أن تخرج فتجئ إلى أمي تلدغها، وكان زين العابدين من أبر الناس بأمه وذلك لأنه لا يأكل معها في صحنه وعندما قيل له في ذلك قال أخاف أن تسبق يدى إلى ما تشتهيه فأكون قد عققتها.

 

وإن من العجب العجاب أن ترى أنسانا قد أحاطت به الأرزاق من كل جانب وارتفع مستواه الاجتماعى والمادى والمعنوى وعاش فى الترف وطغا وبغا وتكبر على أمه وأعمت الدنيا بصره وطمست على قلبه وعق أمه بسبب الحرص على الدنيا وحب الشهوات والزوجة الحسناء التي لا تفقه في دينها ولا دنياها وقد أجاد الكثير في ذلك حيث تبرأ أحدهم من أمه وألقى بوالدته المراكز الاجتماعية، وقذف أحدهم والدته عبر الطرقات، وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خير التابعين أويس القرنى الذي لو أقسم على الله لأبره وذلك لبره بأمه، وغير ذلك من صور البر العظيمة، فقال الإمام الشافعى رحمه الله أطع الإله كما أمر، وأملأ فؤادك بالحذر، وأطع أباك فإنه، رباك في عهد الصغر، واخضع لأمك وأرضها، فعقوقها إحدى الكبر.

 

فإن حق الأم على الولد عظيم، وشانها كبير، فلا يدعها باسمها، بل نادها بما تحب من اسم أو كنية، لا تجلس قبلها، ولا تمشي أمامها، قابلها بوجه طلق، قبل رأسها، والثم يدها، إذا نصحتها فبالمعروف من دون إساءة، أجب دعوتها إذا دعتك من دون ضجر أو كراهية، تكلم معها باللين، أطعمها إذا جاعت، أو اشتهت صنفا وإن تأنيت في ذلك، أهدها قبل أن تسأل شيئا، تحسس ما تحب فاجلبه لها، كان خادما مطيعا لها، أطعها في غير معصية، لا تسبقها بأكل أو شرب، أبهجها بالدعاء لها آناء الليل وأطراف النهار بالرحمة والمغفرة، غض الطرف عن أخطائها وزلاتها، لا تتأسف أو تحدث أحدا عن سبيل الشكاية أو النكاية، وقرها واحترمها، لا تتكبر عليها فقد كنت في أحشائها وبين يديها، أدخل السرور عليها، صاحبها بالمعروف، اطلب الدعاء منها فله تفتح أبواب السماء.

 

وإعلم أن بر الوالدين لا ينتهي بموتهما، فعن أبي أسيد الساعدي قال فيما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ جاءه رجل من بني سلِمة فقال يا رسول الله، هل بقي من بر أبويّ شيء أبرهما بعد موتهما؟ قال صلى الله عليه وسلم” نعم، الصلاة عليهما والاستغفار لهما وانفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما وإكرام صديقهما” فإن بر الوالدين يستمر في ذرية الإنسان وعقبِه من بعده، فعن ابن عمر رضى الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” بروا آباءكم تبركم أبناؤكم، وعِفّوا تعف نساؤكم” كذلك بر الوالدين يزيد في العمر، فعن سهل بن معاذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “من بر والديه طوبى له، زاد الله في عمره” وإن من العجب العجاب أن ترى أنسانا قد أحاطت به الأرزاق من كل جانب وارتفع مستواه الاجتماعى والمادى والمعنوى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى