مقال

الدكروري يكتب عن التسابق في أعمال الخير ” جزء 4″

جريده الاضواء

الدكروري يكتب عن التسابق في أعمال الخير ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الرابع مع التسابق في أعمال الخير، وهكذا فإن فعل الخيرات هو مطلب رباني، هو دعوة إلهية، وهو نصيحة نبوية، فاقبلوها، وخذوا بها وعظموها، واعملوا بها، وفعل الخيرات به تكون أيها الإنسان من المفلحين، وبغيره تكون من الخائبين، ومن منا لا يحب أن يكون من المفلحين والفائزين والرابحين والرافعين رؤوسهم والناجين؟ فإذا أردت ذلك فربك سبحانه وتعالى يدلك على الطريق، إنها طريق فعل الخيرات والإكثار منها، وإن فعل الخيرات، مقبول مبارك فيه، مضاعف، مأجور عليه قلّ أم كثر، صغر الخير أم عظم، فافعل الخير ولو كان حرفا تقوله، أو درهما تتصدق به، أو يد عون تمدها، أو بسمة تظهرها، أو خطوة تخطوها، أو أصغر من ذلك أو أكبر، كله ستجده في الكتاب مسطورا، وعند ربك مأجورا، فاقرأ معى تلك الآية التي لا نظير لها ولا قبيل.

 

يقول فيها ربك سبحانه وتعالى” فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره” وإن الخير الذى أشار الله تعالى إليه، ينتظم فى كل بر، ويشمل كل عمل صالح، فطاعة الله خير والإحسان إلى الناس خير والإخلاص والنية الطيبة خير، والإحسان إلى الناس خير وبر ذوي القربى خير والقول الجميل خير، ونظافة الجسد خير، وإماطة الأذى عن الطريق خير، وغراس الأشجار خير، والمحافظة على البيئة من التلوث خير، واحترام الآخر خير، والصدق خير والالتزام بالوعد والعهد خير، وبر الوالدين خير وإغاثة الملهوف خير، ورعاية الحيوان خير، والرياضة البدنية خير، وكل عمل ينهض بالفرد ويرقى بالمجتمع فهو خير، والدعوة إلي الله تعالى خير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خير، والعدل خير والسلام خير، والاستزادة من العلم والحكمة خير.

 

لقول الله سبحانه كما جاء فى سورة البقرة” يؤتى الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا” ولفعل الخير لا بد أن تكون له أهداف ومقاصد، وهى إرضاء الله عز وجل، والحصول علي الأجر والثواب، ودعوة الناس إلى الإسلام، وفعل الخير بما يضمن للآخرين حق الحياة الكريمة، والتنمية ومساعدة الآخرين، ونشر قيم التضامن والتسامح والتعاون، وإن البطء والتثاقل والتروى والتأنى ينبغي أن يكون بعيدا عن عمل الآخرة لأن عمل الآخرة طريق صحيح، لا يحتاج إلى تأمل وتفكر، ويحتاج إلى المبادرة قبل الفوات لأن كل يوم يمضي هو من الفوات، وبعد الفوات يكون الندم، والندم لا يغني عن العاقل شيئا، فالمسارعة والمسابقة والمنافسة في فعل الخيرات لها بعض السمات الأساسية منها المسارعة والمنافسة والمسابقة مطلب شرعي وأمر إلهي، ووصية نبوية.

 

وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ” اغتنم خمسا قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك” رواه الحاكم، وإن المسارعة والمسابقة فى السير إلى الله تعالى، لا مجال فيها للروية والتؤدة والأناة، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم فى الحديث الذى رواه أبو داود ” التؤدة فى كل شئ إلا فى عمل الآخرة” وقال وهيب بن الورد إن استطعت أن لا يسبقك إلى الله أحد فافعل، وقال عمر بن عبد العزيز في حجة حجها عند دفع الناس من عرفة “ليس السابق اليوم من سبق به بعيره، إنما السابق من غُفر له” وإن المسارعة والمسابقة في الخير صفة من صفات المؤمنين الموحدين، وإن التفاضل في الجنة بحسب السبق والمسارعة، ولنا في سلفنا الصالح أسوة حسنة وقدوة طيبة.

 

هؤلاء الذين قدموا لنا صورا رائعة من المسارعة والمسابقة في فعل الخيرات ، فإن الصالحين ممن قبلنا يفقهون عن الله تعالى مراده، في كتابه عندما حث على المسارعة في الخيرات، ففهموا أنها مسابقة حقيقية تحتاج إلى تحفز وتشمير، كما يفعل المتسابق في الطريق، فإنها المسارعة في السير إلى الله تعالى، والتي تكون عاقبتها الرضا من الله تعالى، كما قال نبى الله موسى عليه السلام كما جاء فى سورة طه ” وعجلت إليك ربى لترضى” ولقد كانت روح المنافسة فى الخيرات بين المسلمين الأوائل، ولقد كان صلى الله عليه وسلم مثالا أعلى في المسارعة إلى الخير، لذلك كانت النتيجة لهذه المسارعة أن قال النبى صلى الله عليه وسلم “كم من عذق رداح” أى مثمر وممتلئ، في الجنة لأبي الدحداح” فكانت لأبى الدحداح صورة مشرقة، ولوحة رائعة يزيّنها مثل مسارعة الصحابة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى