مقال

الدكروري يكتب عن الإمام البزي.

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإمام البزي.

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الإمام البزي هو أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن نافع بن أبي بزة، واسم أبي بزة هو بشار فارس من أهل همذان وأسلم على يد السائب بن أبي السائب المخزومي والبزة الشدة ومعنى أبو بزة أبو شدة، ويكنى أبو الحسن ويلقب بالبزي وهو أكبر من روى قراءة ابن كثير، واليه انتهت مشيخة الإقراء بمكة، وكان مقرئ مكة ومؤذن المسجد الحرام وإمامه أربعين سنة، ولد سنة مائة وسبعون من الهجرة، وهو أحد راويي الإمام ابن كثير المكي، والرواي الثاني هو قنبل، وقرأ على أبيه، وعبد الله بن زياد، وعكرمة بن سليمان، ووهب بن واضح، ومن تلاميذه إسحاق بن محمد الخزاعي، والحسن بن الحباب، وأحمد ابن فرح، وأبو ربيعة محمد بن إسحاق، ومحمد بن هارون، وموسى بن هارون، ومضر بن محمد الضبي وأبو علي الحداد، وغيرهم.

 

والإمام البزي هو الذي روى حديث التكبير مرفوعا من آخر الضحى، وقال البزي سمعت عكرمة بن سليمان يقول قرأت على إسماعيل بن عبد الله ابن قسطنطين، فلما بلغت والضحى قال كبّر عند خاتمة كل سورة، فإني قرأت على عبد الله بن كثير فلما بلغت والضحى قال كبّر حتى تختم، وأخبره ابن كثير أنه قرأ على مجاهد فأمره بذلك وأخبره مجاهد أن ابن عباس أمره بذلك، وأخبره ابن عباس أن أبي بن كعب أمره بذلك، وأخبره أبي أن النبي صلي الله عليه وسلم أمره بذلك، قال الحاكم هذا صحيح الإسناد ولم يخرجه البخاري ولا مسلم، وعن موسى بن هارون أنه قال، قال لي البزّي حدّثت محمد بن إدريس الشافعي فقال لي إن تركت التكبير فقد تركت سنّة من سنن نبيك صلي الله عليه وسلم وقد ساقه الحافظ أبو العلاء الهمداني عن البزّي.

 

قال دخلت على إبراهيم بن محمد الشافعي وكنت قد وقفت عن هذا الحديث فقال لي لئن تركته لتتركن سنة نبيك، ويعد البزي أستاذ ضابط محقق في قراءات القران الكريم , روى القراءة عن عكرمة بن سليمان عن إسماعيل بن عبد الله القسط وعن شبل ابن عباد عن ابن كثير, ولم ينفرد البزي برواية قراءة ابن كثير بل رواها عنه الكثير لكنه كان أشهرهم وأميزهم وأعدلهم وقرأ عليه كثيرون، منهم الحسن بن الحباب وأبو ربيعة وأحمد بن فرح وقنبل وهو الراوي الثاني لقراءة ابن كثير، ولقراءة البزي عن ابن كثير بعض الخصائص والمميزات تفرقها عن بقيت القراءات ومنها أنه يبسمل بين كل سورتين إلا بين الأنفال والتوبة كا قالون، ويضم ميم الجمع ويصلهما بواو إن كان بعدها متحرك بلا خلف عنه، ويقرأ بقصر المنفصل وتوسط المتصل قولا واحدا.

 

ويسهل الهمزة الثانية من الهمزتين من كلمة من غير إدخال ألف بينهما، ويختلف راوياه في الهمزتين من كلمتين إذا كانتا متفقتي الحركة، فالبزي يقرأ كقالون، وقنبل يقرأ بتسهيل الثانية أو إبدالها حرف مد كورش, وأما مختلفتي الحركة فابن كثير من روايتيه يغير الثانية منهما كما يغيرها قالون وورش، ويصل هاء الضمير بواو إن كانت مضمومة وقبلها حرف ساكن وبعدها حرف متحرك، ويصلها بياء إن كانت مكسورة وقبلها ساكن وبعدها متحرك نحو، ويفتح ياءات الإضافة إذا كان بعدها همزة قطع مفتوحة أو همزة وصل مقرونة بلام التعريف أو مجردة منها على تفصيل يعلم من المؤلفات في كتب القراءات، ويقف على التاءات المرسومة في المصاحف تاء مفتوحة بالهاء، ويثبت بعض الياءات الزائدة وصلا ووقفا موجودة في كتب القراءات.

 

وأما عن الإمام قنبل وهو الراوي عن ابن كثير، فهو محمد بن عبدالرحمن بن خالد بن محمد بن سعيد بن جرجة أبو عمر المخزومي مولاهم المكي الملقب بقنبل شيخ القراء بالحجاز ولد سنة خمس وتسعين ومائة، وأخذ القراءة عرضا عن أحمد بن محمد بن عوف النبال وهو الذي خلفه في القيام بها بمكة وروى القراءة عن البزي وروى عنه عرضا أبو ربيعة محمد بن إسحاق وهو أجل أصحابه، ومحمد بن عبدالعزيز بن عبدالله بن الصباح وإسحاق بن أحمد الخزاعي سمع منه الحروف، ومحمد بن حمدون والعباس بن الفضل صهر الأمير وأحمد بن محمد ابن هارون بن بقرة وأحمد بن موسى بن مجاهد ومحمد بن أحمد بن شنبوذ ومحمد بن موسى الزينبي وعبدالله بن أحمد البلخي وأحمد بن الصقر بن نوبان وأحمد بن محمد اليقطيني وعلي بن الحسين بن الرقي.

 

وأبرهم بن عبد الرزاق الأنطاكي سمع منه الحروف ولم يعرض عليه، ومحمد بن عيش الجصاص وعبدالله عمر بن شوذب، وأبو بكر محمد بن حامد القطار وعبدالله بن ثوبان، وجعفر بن محمد السرنديبي وعبدالله بن حمدون كذا سماه الهندلي ولعله محمد وعبدالله بن جبير فيما ذكره الهندلي وهو في أقرائه ومحمد بن عمرو بن عوف ونظيف بن عبد الله الكسروي في قول جماعة وقيل بل قرأ علي اليقطيني عنه واختلف في سبب تلقبه قنبلا فقيل اسمه وقيل إنه في بيت بمكة يقال لهم القنابلة وقيل لاستعماله دواء يقال له قنبيل معروف عند الصيادلة لداء كان به فلما أكثر منه عرف به وحذفت الياء تخفيفا وقد انتهت إليه رئاسة الإقراء بالحجاز ورحل الناس إليه من الأقطار، وقال أبو عبد الله القصاع وكان على الشرطة بمكة، يعني حكمدار مكة.

 

لأنه كان لا يليها إلا رجل من أهل الفضل والخير والصلاح ليكون لما يأتيه من الحدود والأحكام على صواب فولوها لقنبل لعلمه وفضله عندهم وقال الذهبي إن ذلك كان في وسط عمره فحدث سيرته ثم إنه طعن في السن وشاخ وقطع الإقراء قبل موته بسبع سنين، وقيل بعشر سنين ومات سنة إحدى وتسعين ومائتين عن ست وتسعين سنة، وعن ابن كثير أحد روايات القرآن الكريم رواها البزى وهو أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله مقرئ مكة ومؤذن المسجد الحرام، وعن ابن كثير المكي وهو عبد الله أبو معبد العطار الدارى الفارسي الأصل إمام أهل مكة في القراءة، وهو عبد الله بن كثير بن عمرو بن عبد الله بن زادان بن فيروز بن هرمز, ويكنى أبو معبد ويقال له الداري نسبة إلى بني عبد الدار، وقيل أن الداري نسبه لكونه عطارا.

 

ولد بمكة سنة خمسة وأربعون من الهجرة، وتوفي سنة مائتان وعشرون من الهجرة، ويعد ابن كثير أحد القراء السبعة, فهو لقي من الصحابة أبو أيوب الأنصاري وأنس بن مالك وعبد الله بن الزبير ومجاهد بن جبير المكي ودرباس مولى عبد الله بن عباس وكلهم روى عنهم وكان قاضي الجماعة بمكة وإمام الناس في القراءة بها، قال عنه ابن مجاهد ولم يزل عبد الله بن كثير هو الإمام المجتمع عليه في القراءة بمكة حتى مات سنة عشرين ومائة بمكة, وقيل إنه أقام مدة في العراق ثم عاد إلى مكة ومات بها، وعن ثنا الحميدي قال سألت ابن عيينة قلت يا أبامحمد رأيت شيئا ربما فعله الناس عندما يُكبّر القارئ في شهر رمضان إذا ختم، فقال رأيت صدقة بن عبد الله بن كثير يؤم الناس منذ أكثر من سبعين سنة فكان إذا ختم القرآن كبّر، وقال الحسن بن الحُباب سألت البزّي كيف التكبير؟

 

فقال لا إله الا الله، والله أكبر، وقال أبوبكر الآجري ثنا عبد الله بن محمد بن عبد الحميد، قال حدثنا أحمد بن محمد بن أبي بزة، قال سمعت مؤمل بن إسماعيل يقول القرآن كلام الله تعالى، ليس بمخلوق، وقال ابن أبي بزة فمن قال مخلوق فهو على غير دين الله، ودين رسوله صلى الله عليه وسلم، حتى يتوب، وأذن بالحرم أربعين سنة، وتوفي الإمام البزي سنة مائتان وخمسون من الهجرة بمكة، وله ثمانون سنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى