مقال

الدكروري يكتب عن الإمام ابن العربي ” جزء 1″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام ابن العربي ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الإمام ابن العربي هو عالم روحاني من علماء المسلمين الأندلسيين، وشاعر وفيلسوف، أصبحت أعماله ذات شأن كبير حتى خارج العالم العربي، هو محمد بن علي بن محمد بن عربي الحاتمي الطائي الأندلسي الشهير بمحيي الدين بن عربي، وهو أحد أشهر المتصوفين وقد لقبه أتباعه وغيرهم من الصوفيين بالشيخ الأكبر، ولذا تنسب إليه الطريقة الأكبرية الصوفية، وولد الإمام ابن العربي في مرسية في الأندلس في شهر رمضان عام خمسمائة وثماني وخمسين من الهجرة، الموافق عام ألف ومائة وأربع وستين من الميلاد، قبل عامين من وفاة الشيخ عبد القادر الجيلاني، وتزيد مؤلفاته عن ثماني مائة لكن لم يبق منها سوى مائة وكما غدت تعاليمه في مجال علم الكون ذات أهمية كبيرة في عدة أجزاء من العالم الإسلامي، وقد لقبه أتباعه ومريدوه من الصوفية بألقاب عديدة، منها الشيخ الأكبر، ورئيس المكاشفين، والبحر الزاخر، وبحر الحقائق، إمام المحققين.

 

محيي الدين، سلطان العارفين، وكان ابن عربي متصوفا وشاعرا وفيلسوفا، وولد في مرسية، إسبانيا، في السابع عشر من شهر رمضان أو السادس والعشرين من شهر تموز عام ألف ومائة وخمس وستين ميلادي، ويُعرف ابن عربي لدى المتصوفين باسم الشيخ الأكبر أو محي الدين بن عربي، ويعتبر أحد الأولياء في الصوفية، أما في الشرق الأوسط، فعرف باسم الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي، وبالرغم من كونه من أتباع المذهب الصوفي، لكن كتاباته عن الأئمة الإثني عشر ذات شأن كبير عند الشيعة، وهناك جدل واسع بخصوص مذهبه الفقهي، حيث يعتقد البعض أن ابن عربي كان ينتمي للمذهب الظاهري، ويقول محيي الدين ابن عربي ” فيا إخوتي وإحبائي رضي الله عنكم، أشهدكم عبد ضعيف مسكين فقير إلي الله في كل لحظة وطرفة، أشهدكم علي نفسه بعد أن أشهد الله وملائكته، ومن حضره من المؤمنين وسمعه أنه يشهد قولا وعقدا.

 

أن الله إله واحد، لا ثاني له وألوهيته منزهة عن الصاحبة والولد، مالك لا شريك له في الملك ولا وزير له، صانع لا مدبر معه، موجود بذاته من غير افتقار إلى موجد يوجده، بل كل موجود سواه مفتقر إليه تعالى في وجوده فالعالم كله موجود به، وهو وحده متصف بالوجود لنفسه، ليس بجوهر متحيز فيقدر له مكان ولا بعرض فيستحيل اليه البقاء ولا بجسم فتكون له الجهة والتلقاء، مقدس عن الجهات والأقطار، مرئي بالقلوب والأبصار” واختلف العلماء في مذهبه الفقهي لكن يبدو أنه كان ظاهريا قبل أن يجتهد لنفسه كما يبدو في بعض مطاوي رسائله، وانتشرت تعاليم ابن عربي بسرعة هائلة عبر العالم ولم تكن كتاباته حكرا على نخبة المسلمين، بل وجدت طريقها إلى الطبقات الدنيا من المجتمع نتيجة انتشار المد الصوفي كما ترجمت أعمال ابن عربي إلى اللغات الفارسية والتركية والأردية، في وقتها، وكان عدد كبير من الشعراء يتبعون المذهب الصوفي.

 

وكانت أفكار ابن عربي بمثابة إلهام كبير لهم، وتعود عائلة ابن عربي إلى أصول مختلفة ومتداخلة، فمثلا، كان والده عربيا أصله من إحدى أشهر وأبرز قبائل العرب، وهي قبيلة طيء، أما والدته، فكانت من أمازيغ شمال أفريقيا، وفي كتاباته، أشار ابن عربي إلى عمه المتوفي يحيى الصنهاجي وهو من صنهاجة، حيث كان عمه ثريا، ويشغل منصب أمير مدينة تلمسان، لكنه ترك منصبه ليتصوّف بعد لقائه شيخا متصوفا، وكما خدم والد ابن عربي، والذي يُدعى على بن محمد، في جيش حاكم مرسية المعروف باسم ابن مردنيش، وعندما توفي ابن مردنيش، عام ألف ومائة واثنين وسبعين ميلادي، تحوّل والد ابن عربي لخدمة سلطان الموحدين، أبو يعقوب يوسف الأول، وهكذا عاد إلى العمل الحكومي، وانتقلت معه عائلته من مرسية إلى إشبيلية، وهناك ترعرع ابن عربي في بلاط الحاكم وتلقى التدريب العسكري وعندما أصبح بالغا، شغل منصب سكرتير حاكم إشبيلية.

 

وتزوج امرأة تدعى مريم من إحدى العائلات البارزة، وهكذا ولد محيي الدين بن عربي في مدينة مرسية من أب عربي طائي وأم عربية خولانية ويعرف عند الصوفيين بالشيخ الأكبر والكبريت الأحمر، وهو واحد من كبار المتصوفة والفلاسفة المسلمين على مر العصور، وكان أبوه علي بن محمد من أئمة الفقه والحديث، ومن أعلام الزهد والتقوى والتصوف وكان جده أحد قضاة الأندلس وعلمائها، فنشأ ضمن جو ديني انتقل والده إلى إشبيلية وكان يحكمها أنذاك السلطان محمد بن سعد، وكانت عاصمة من عواصم الحضارة والعلم في الأندلس وما كاد لسانه يبين حتى دفع به والده إلى أبي بكر بن خلف عميد الفقهاء، فقرأ عليه القرآن الكريم بالقراءات السبع، فما أتم العاشرة من عمره حتى كان ملما بالقراءات والمعاني والإشارات ثم سلمه والده إلى طائفة من رجال الحديث والفقه تنتقل بين البلاد واستقر أخيرا في دمشق طوال حياته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى