مقال

مشكلات المنظومة التعليمية.. رؤية هادئة و تعامل

جريدة الاضواء

مشكلات المنظومة التعليمية.. رؤية هادئة و تعامل

 

بقلم : د. نسريـــــــن معتوق

 

من كل عام و في هذا التوقيت بالتحديد تستعد الأسر ممن لديهم أطفال داخل العملية التعليمية لبداية عام دراسي جديد ، و بالطبع و تزامناً مع ذلك تبدأ بعض البيوت – إذا لم يكن أغلبها – بالترتيب لتحولها و لو نسبياً لمدارس مصغرة ، في محاولة منهم طبعاً لسد ثغرات العملية التعليمية .

 

 

و سواء كانت تلك الثغرات قد نتجت عن المنظومة التعليمية نفسها و التي هي و بالأساس مليئة بالمشكلات ، أو نتجت و كانت مرتبطة بظروف الطفل نفسه و مدى قدرته على تلقي المعلومة و تحصيلها .. فأننا بالنهاية أمام مشكلة و عبء إضافي مرهق يضاف إلي الأعباء التقليدية للأسرة و خاصة في الظروف الاقتصادية الحالية ، و أقول إضافي لأن المفترض أن حق التعليم و التعلم هو حق أصيل للفرد داخل المجتمع ، و مادام الفرد استوفى شروط الالتحاق بالمنشئة التعليمية و انتسب إليها ، فحقه هو أن يحصل على تعليم لائق داخل هذه المؤسسة و أن يكون كافي و وافي دون تمييز و دون أن يتحمل أي أعباء اضافية أخرى تزيد على الاعباء التقليدية و المتفق عليها سلفاً – أسباب و مشاكل العملية التعليمية ليست فقط كثيرة و متشعبة .. لا ، فهي فضلاً على ذلك متداخلة جداً ، و تتباين تلك الأسباب ما بين الخلل الواضح في نوعية و كم المناهج المقدمة للطفل و مدى مناسبتها و جدواها له و لفئته العمرية و هذا شق أول ، و ما بين قصور في أداء الهيئة التعليمية و التي تمثلها المدرسة ( ككيان عام ) و يمثلها المدرس ( بصورة خاصة ) كونه هو الشخص الموكل له التعامل بصفة و صورة مباشر مع الطفل و هذا من شق أخر ، و حتى ألية التقييم النهائي و المحاسبة تعاني هي الأخرى من خلل و هذا شق ثالث ، يضاف إلي ذلك كله ما يمكن أن قد يكون هناك من مشكلات مرتبطة بالطفل نفسه – كل هذا و في النهاية يتحمل نتائجه الطفل أولاً نفسياً و تعليمياً و اسرته من الدرجة الثانية نفسياً و مادياً .

 

أنا لن اتطرق لمشكلات المنظومة التعليمية من مؤسسات و مناهج و تدريب و تأهيل حقيقي لمعلم و أنظمة التقييم و المحاسبة و الفرز .. كل هذا سنوياً توضع له الخطط و تعلن و تتبدل له الخطط و تعلن أيضاً و أنا اتمنى كما يتمنى الجميع أن تأتي بثمارها ..

 

أنا سأتناول الطفل و أسرته في ظل هذه المنظومة و كأن المتغيرات الأخرى ثابتة ، و لا أدعي امكانية الوصل لحل ينهي الازمة و لكن ما أرجوه هو التخفيف من وطئتها ، سواء على كاهل الطفل أو كاهل أسرته ، و يمكن أن أذكر ذلك في عدة نقاط على سبيل الاجمال و التذكير بها لا على سبيل حصرها ..

– التعليم حق و الحصول عليه مهم و لكن لن يكون كافياً لفرد تلقاه في مناخ متوتر و ضاغط و أن يكون قد كسر داخله ما لا تصلحه عدة شهادات أكاديمية .

 

– ‏التفوق مطلوب و لكن ليس هدف نهائي ، و بالأخص أن جميعنا نعلم ( دارسين و مدرسين و أسر ) بأن نظم التقييم و المحاسبة ليست سليمة تماماً ، و أن المحاولة في جعلها تقترب من العدل و لم يجعل منها عادلة ، و فضلاً على ذلك أضيف الأخطر و هي بأنها متغيرة ( و جميعنا شهد ذلك و مراراً و تكراراً و قبل امتحانات التقييمات النهائية و ببضع أيام فقط من اداءها ) .

 

– ‏ الشهادات الأكاديمية مهمة و لكن يجب الحرص على أن يمتلك الطفل أو الفرد عموماً كفاءة أخرى ، و أن تسعى الأسر على الحفاظ على تلك الكفاءة أو الموهبة و أن تعمل على تنميتها .

أخيراً أريد أن أذكر و أنبه لفئة معينة من الأطفال و هم فئة مهمة ، و هم أيضاً من وجهة نظري يستحقون رعاية إضافية .. هذه الفئة هي فئة أطفال صعوبات التعلم ، و اهميتهم تكمن لي و من وجهة نظري في أن نسبتهم ليست بقليلة ، و أن تلك الشريحة لو تم التعامل معهم بأهتمام أكبر سواء من قبل المدرس في المدرسة أو من قبل ذويهم في البيت سيكونون و بلا شك فئات متميزة كانت فقط بحاجة لمن يجيد اكتشاف موهبتها و التعب على صقلها ، بدل من تركهم ككم مهمل و النتيجة مجموعة من المتسربين من التعليم أو مجموعة من الأميين و لكن بشهادات لا قيمة لها سواء لهم أو لنا كمجتمع .

 

و لأسر هذه الفئة من الأطفال أقول و بأختصار أن الطفل الذي يعاني من صعوبات التعلم هو طفل يسجل طبقاً لمقياس الذكاء معدل عالي إلي فوق المتوسط كحد أدنى ، أي أنه طفل عادي و قد يكون متميز لكنه يعاني من مشكلة و يحتاج إلي تفهم لطبيعة هذه المشكلة ليستطيع التعامل مع مشكلته و لكي يستطيع تجاوزها و يحتاج لطرق مختلفة للتعلم غير المتبعة مع أقرانه ، فهو بالأكيد متميز و يبحث عن من يفهم نقاط تميزه .

 

و في ظل مشكلات قائمة و مازالت و لا نعلم متى ستنتهي ، سواء في المناهج التي لا ترعي بالقدر الكافي التفاوت في قدرات كافة المتلقين لها ، أو بالنسبة أيضاً لنظم التقييم النهائي و المحاسبة .. سيكون من المنتظر لهذا الطفل أن يبقى المعلم المتفهم الذكي و الأسرة معاً ، سيبقون هم و بالتحديد أهم مراكز الدعم و نقاط ارتكاز هذا الطفل حتى يتمكن من أن يضع قدمه على الطريق الذي سيكون و بلا شك متناسب و قدراته التي خلقه بها الله .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى