مقال

الدكروري يكتب عن أسماء تنعي زوجها جعفر

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن أسماء تنعي زوجها جعفر
بقلم / محمــد الدكــروري

عندما استشهد الصحابي الجليل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه في غزوة مؤتة وهو ابن عم رسول الله صلي الله عليه وسلم، وأخو الإمام علي بن أبي طالب، ذهب رسول الله صلي الله عليه وسلم ليخبر زوجتة السيدة أسماء بنت عميس، وتقول السيدة أسماء رضى الله عنها دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي أصيب به جعفر وكنت قد عجنت عجيني وغسلت بنيّ ودهنتهم أي عطرتهم، فقال لي يا أسماء أين بنو جعفر؟ فجئت بهم إليه فجعل يتشمّمهم ويضمّهم وعيناه تذرفان بالدمع، استغربت أسماء، فهي لم تري النبي صلى الله عليه وسلم يفعل هذا من قبل، فلا بد أن أمرا طارئا ما عساه يكون هذا الأمر الطارئ؟ وجف قلبها عندما خطر في بالها أن مكروها ما حدث لزوجها الحبيب جعفر.

سألته بصوت مرتجف “يارسول الله لعله بلغك عن جعفر شيء؟” فقال بصوت يغالب الدموع “نعم، نعم يا أسماء لقد استشهد جعفر في سبيل الله” فلم تعد قدماها قادرتين على حملها، إنه جعفر زوجها الحبيب والد أولادها الثلاثة لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وبكت أسماء كأي زوجة مُحبة لزوجها وبكت أسماء وأمام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ينهها النبي صلى الله عليه وسلم عن البكاء، فالبكاء على فراق الأحبة أمر طبيعي وهو رحمة من الله عز وجل، وعندما توفي عنها جعفر بن أبى طالب، عرض النبي صلى الله عليه وسلم على أسماء أن تتزوج مرة أخرى، فقبلت وكانت السمة البارزة في ذلك العصر هي إقدام الرجال على خطبة النساء الأرامل والمطلقات لإعالتهن ورعايتهن هن وأولادهن.

وكان العريس الذى اختاره النبي صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت عميس إنه رفيقه وصديقه وخليله هو أبوبكر الصديق رضي الله عنه، وهل هناك خير من أبي بكر زوجا بعد جعفر، وقبلت السيدة أسماء رضي الله عنها وتم زفافها إلى أبي بكر رضي الله عنه، وتزوجها ابو بكر الصديق رضى الله عنه وأنجبت له محمد إبن أبى بكر، ورافقت أسماء بنت عميس أبا بكر بقية حياتها وشهدته وهو يُختار خليفة للمسلمين وكانت له عونا في السراء والضراء، إلى أن توفي بعد سنتين ونصف من خلافته، وكان أبوبكر الصديق رضي الله عنه يحب زوجته السيدة أسماء ويجلها ويحترمها أيضا، وقد أوصى أن تتولى غسله بعد وفاته فوفت وصيته وغسّلته وأعانها في ذلك ابنه عبد الرحمن بن أبي بكر.

وعندما توفى أبو بكر الصديق، وبعد أن انقضت عدتها خطبها علي بن أبي طالب رضي الله عنه أخو زوجها الأول جعفر بن أبي طالب فتزوجته وأنجبت منه يحيى وعون، وعلى هذا فإن لأسماء ولدان باسم عون أحدهما عون بن جعفر والآخر عون بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، وهي أيضا تدعى بأم المحمدين، وكانت تخدم فاطمة إلى أن توفيت وهي أخت ميمونة أم المؤمنين، ورافقت السيدة الفاضلة زوجها علي في رحلة جهاده ومعاناته حتى استشهد رضي الله عنه، ولم تتزوج بعده أحدا، ودّعت السيدة الفاضلة، والصحابية الجليلة أسماء بنت عميس الحياة وقد روت عن النبي صلى الله عليه وسلم ستين حديثا، وتوفيت سنة ثمان وثلاثين للهجرة، وقيل بعد الستين عاما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى