مقال

الدكروري يكتب عن أم كلثوم وعقد زوجة ملك الروم

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن أم كلثوم وعقد زوجة ملك الروم
بقلم / محمـــد الدكـــروري
عندما أرسلت السيدة أم كلثوم بنت الإمام علي بن أبي طالب وزوجة الخليفة عمر بن الخطاب إلي زوجة ملك الروم هدية وكانت قوارير من طيب، فلما وصلت هديتها إلى زوجة ملك الروم أرسلت بدورها عقدا فاخرا، ردا علي هدية السيدة أم كلثوم زوجة الخليفة، ولكن عمر بن الخطاب أخذه ووضعة في بيت مال المسلمين، ولعل أم كلثوم تذكرت آنذاك حادثة شبيهة بتلك، جرت مع ابن زوجها عبد الله بن عمر، حين اشترى عبد الله إبلا هزيلة وأرسلها إلى الحمى حيث يرعى المسلمون أنعامهم، فما مضى وقت قليل إلا وسمنت هذه الإبل، فلما دخل عمر السوق لفت نظره تلك الإبل السمينة، فسأل لمن هي، فقالوا لعبد الله بن عمر، فتغير لونه واستدعى ابنه على الفور، فلما قدم سأله غاضبا ما هذه الإبل يا عبد الله؟

لم يدرك عبد الله سر غضب والده فأجابه متلطفا، إبل هزيلة يا والدي اشتريتها، وبعثت بها إلى الحمى ابتغي بها ما يبتغي المسلمون، قطب عمر جبينه وقال بحدة، ويقول المسلمون ارعوا إبل ابن أمير المؤمنين، اسقوا إبل ابن أمير المؤمنين، يا عبد الله خذ رأس مالك واجعل الربح في بيت مال المسلمين، وعندما تذكرت أم كلثوم هذه الحادثة وربطتها بحادثة العقد جرت دمعة على وجهها وهي تتمتم في سرها، كان الله في عونك يا أمير المؤمنين وجعلني سندا لك فيما حملته من أمانة الخلافة ومسؤولياتها، وقيل أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يحب الحسن والحسين رضي الله عنهما ويجلهما فهما من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال فيهما النبي صلى الله عليه وسلم أحب الله من أحبهما.

ويروى في هذا أن حللا من اليمن أتته فوزعها على من حضر من الناس، فلما انتهى من التوزيع لمح الحسن والحسين قادمين فبدى الأسف على وجههه، أتعلمون لماذا؟ لأنهما لم يبقى لهما من تلك الحلل شيء، فكتب إلى واليه على اليمن أن ابعث بحلتين للحسن والحسين وعجل بهما، فأرسل إليه حلتين جميلتين فكساهما، ويروي الحسين رضي الله عنه القصة التالية فيقول قال لي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ذات يوم يا بني لو أنك تأتينا وتغشانا فإنا نرحب بك، فجاء الحسين يوما إلى عمر وعنده معاوية بن أبي سفيان لعمل يهم المسلمين، وعبد الله بن عمر واقف بالباب لم يؤذن له بالدخول، فرأى ذلك الحسين فعلم أن الوقت غير مناسب للزيارة فرجع، فلقيه عمر بعد أيام قليلة، فعاود دعوته لزيارته قائلا يا بني لم أرك أتيتنا.

فقال له الحسين جئت إليك يا أمير المؤمنين لكنك كنت مشغولا بأمور المسلمين، وكان عندك معاوية بن أبي سفيان، فرأيت ابنك عبد الله رجع فرجعت معه، نظر إليه عمر بحب عظيم وقال وهو يضع يده على رأسه أنت أحق بالإذن من عبد الله بن عمر، إنما أنت من رؤوسنا ما ترى، الله الله ثم أنتم آل البيت” وهكذا كان لقب عمر بن الخطاب الفاروق، لأنه فرّق بين الحق والباطل، وكان مولده بعد عام الفيل بثلاث عشرة سنة، وأراد الله عز وجل، له الهداية وعزة الأمة باعتناقه للإسلام بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، بست سنوات، وهو ابن سبع وعشرين سنة، واستشهد في أواخر ذي الحجة من سنة ثلاث وعشرين بعد الهجرة، وقيل أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان شديدا قويا وهو الذي كان يقال عنه إذا مشى أسرع.

وإذا تكلم أسمع، وإذا ضرب أوجع، وإذا أطعم أشبع، وكان رضي الله عنه كان ميالا للأخذ بعزائم الأمور، وعندما هداه الله سبحانه وتعالى للإسلام هذب صفاته هذه، وجعلها ميزة له ومفخرة لأي ذكر، فقد جند قوته وشدته لإحقاق الحق والعدل، أما مع الضعفاء والمساكين فقد كان لينا حليما، والحقيقة أنه اجتمع في عمر من الصفات ما لا يجتمع في غيره، اللين والشدة، الحلم والثورة، الغضب والرحمة، كلها اجتمعت في شخصيته ولكن كان لكل منها دوره في الذي لا يحيد عنه ووقته الذي يظهر فيه، يروى عنه أنه كان شديد المحاسبة لنفسه وأهله وكان إذا نهى الناس عن شيء تقدم إلى أهله وقال لهم إني نهيت الناس عن كذا وكذا، وإن الناس ينظرون إليكم كما ينظر الطير إلى اللحم فإن وقعتم وقعوا وإن هبتم هابوا وإني والله لا أوت بأحد منكم أتى بما نهيت الناس عنه إلا ضاعفت له العذاب لمكانه مني فمن شاء منكم أن يتقدم ومن شاء منكم أن يتأخر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى