مقال

النفس مائلة لكل جديد

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن النفس مائلة لكل جديد
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الجمعة الموافق 8 ديسمبر

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد إن من الأخلاق هو تجنب المؤثرات فالنفس مائلة لكل جديد، وحريصة على كل مخالفة للشرع، فيبتعد عن كل موقع تعرض فيه مخالفات شرعية، وعن كل منتدى يثار فيه الكلام الفاحش البذيء، وينأى بنفسه عن الصور الفاضحة، واللقطات المثيرة، فإذا نأى بنفسه عن ذلك حفظ إيمانه ونفسه من كل شر، ومن ذلك أيضا هو غض البصر، فكل صورة تعرض على الإنسان ولو بدون قصد يتأثر بها، وتكون موجودة في مخيلته، وخاصة تلك الصور الفاضحة لنساء كاسيات عاريات.

وتلك الأفلام الهابطة التي تعرض الجنس بكل صوره، فإذا تذكر المسلم قول الله عز وجل فى سورة النور” قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أذكى لهم إن الله خبير بما يصنعون، وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن” ومن طبق ذلك أرضى ربه وارتاحت نفسه، وشعر بنور الإيمان يشع من قلبه، وقال الحسن رضي الله عنه يابن آدم، إنما هي أيام إذا مضى يومك ينقصك، ولهفنا ولهثنا وراء الدنيا نخاف من الفقر ونطمع في جمع الحطام، كأننا نخلد أو نبقى فيها إلى الأبد، نخاف الفقر، ولا نخاف الحساب، نخاف الجوع، ولا نخاف من التقريع والعقاب، وقال يحيى بن معاذ رحمة الله عليه مسكين ابن آدم لو خاف النار كما يخاف الفقر دخل الجنة، وانظر إلى حال من سلف.

كما قال عنهم الحسن البصري والذي نفسي بيده، لقد أدركت أقواما كانت الدنيا أهون عليهم من التراب الذي يمشون عليه، وقال الفضيل، يفصل واقع الأيام، ويحكى سيرها إنما أمس فعل، واليوم عمل، وغدا أمل، وإنما الليل والنهار مراحل ينزلها الناس مرحلة مرحلة حتى ينتهي ذلك بهم إلى آخر سفرهم، فإن استطعت أن تقدم في كل مرحلة زادا لما بين يديها فافعل، فإن انقطاع السفر عن قريب ما هو والأمر أعجل من ذلك، فتزود لسفرك واقض ما أنت قاض من أمرك، فكأنك بالأمر قد بغتك، وكتب بعض السلف إلى أخ له يا أخي يخيل إليك أنك مقيم، بل أنت دائب السير، تساق مع ذلك سوقا حثيثا، الموت متوجه إليك، والدنيا تطوى من ورائك وما مضى من عمرك فليس بكار عليك يوم التغابن، ونحن نسير في ركب الزاهدين وتمر بنا قوافل الصالحين.

كيف نرى الجمع بين الدنيا والآخرة، وبين الزهد والقناعة، وقال علي بن الفضيل سمعت أبي يقول لابن المبارك أنت تأمرنا بالزهد والتقلل والبلغة، ونراك تأتي بالبضائع، كيف ذا؟ قال يا أبا علي، إنما أفعل ذلك لأصون وجهي، وأكرم عرضي، وأستعين به على طاعة ربي، قال يا ابن المبارك ما أحسن هذا إن تم هذا، فكيف ترانا على هذه الدنيا؟ وما أحسن الدنيا إذا أتت من حلال وصرفت في حلال فأوجه الخير لا تحصى، فمن صدقة، إلى إعانة ملهوف، ونجدة مصاب إلى رعاية أرامل، وكفالة أيتام، فقال سفيان الثوري احذر سخط الله في ثلاث، احذر أن تقصر فيما أمرك، واحذر أن يراك وأنت لا ترضى بما قسم لك، وأن تطلب شيئا من الدنيا فلا تجده أن تسخط على ربك.

وإن من قسم الأرزاق في هذه الدنيا هو الله، فلا بد أن ترضى لما قسم لك قل أو كثر أتى أو ذهب، وسواء أقبلت الدنيا أو أدبرت، لا بد أن ترضى بنصيبك منها ولا تشغل بالك، فلا تتسخط لما قسم لك الله، ولا تنظر إلى من أعلى منك دنيا، ولكن انظر إلى الصالحين الأخيار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى