مقال

تاريخ المال في الأرض

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن تاريخ المال في الأرض
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 14 فبراير

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد ذكرت المصادر التاريخية في موضوع العملات أنه كان هناك على ساحل شرق أفريقيا، كان هناك تجار وملوك محليين للسواحلية المحلية اعتنقوا الإسلام وشجعوا تلك الصلات الخارجية مع تجار المحيط الهندي الآخرين، وأرادوا تسهيل المعاملات التجارية، في حين كان التجار من الشرق الأدنى وجنوب آسيا لديهم الاتصالات التجارية الخاصة بهم، ولم تكن العملة مجرد قضية محلية ولكن أيضا وسيلة لترك بطاقة دعوة، توقيع ورمز للتواصل.

وكما بين تاريخ المال، فإن تأثير العملة ذو حدين فقد مكن حركة السلع والخدمات والهجرة والاستيطان بين الغرباء وقد جلبت الثروة إلى البعض، مع الإسراع في تطوير الفوارق الاجتماعية والاقتصادية وغيرها وتتجلى الأنماط نفسها اليوم مع العلاقة الحديثة بين الصين وأفريقيا، وهي الآن أكثر ترابطا وأقل تكافؤا مما كان عليه عندما قدم الأدميرال تشنغ لأول مرة النقود من الصين في بادرة دبلوماسية، كرمز للصداقة عبر المسافة التي تفصل بينهما، وفي عصرنا هذا، فإن حيازة العملة النقدية تميز الأغنياء عن الفقراء، والدول المتقدمة عن البلدان النامية، والشمال عن الجنوب الصاعد، وكما أن المال أمر شخصي وغير شخصي في الوقت نفسه، وإنعدام المساواة على المستوى العالمي يرتبط اليوم بإعتبار المال مقياسا للرفاه الإجتماعي والإستدامة.

وحتى مع استمرار تطور العملة في عصرنا الرقمي، فإن استخداماتها اليوم لا تختلف كثيرا عن استخدامات أسلافنا القدامى، ومنذ بداية تداول العملات الذهبية والفضية في مصر وحتى عام ألف وثماني مائة وأربعة وثلاثون ميلادي، ولم يكن هناك وحدة نقدية محددة تمثل أساسا للنظام النقدي في البلاد، بل ولم يكن يسك إلا عدد قليل من العملات، وكما صدر مرسوم في نفس العام ينص على إصدار عملة مصرية تستند إلى نظام المعدنين الذهب والفضة، وبموجبه أصبح سك النقود في شكل ريالات من الذهب والفضة حكرا على الحكومة، وسك الجنيه المصري وطرحه للتداول عام ألف وثماني مائة وستة وثلاثون ميلادي، ونظرا لعجز دور السك المصرية عن تلبية احتياجات المعاملات الكبيرة والتجارة الخارجية.

وبسبب استخدام عملات أجنبية لهذا الغرض، فقد حُددت أسعار الصرف بقوة القانون بالنسبة للعملات الأجنبية المقبولة في تسوية المعاملات الداخلية، كما أدت التقلبات في قيمة الفضة وإعتماد معيار الذهب من جانب معظم الشركاء التجاريين لمصر وبخاصة المملكة المتحدة إلى تطبيق معيار الذهب على أساس الأمر الواقع، وذلك بعد ما يقارب الثلاثين عاما من تطبيق نظام المعدنين، وكما صدر في أعقاب الأزمة المالية الناجمة عن تراكم الديون الخارجية على مصر قانون الإصلاح النقدي عام ألف وثماني مائة وخمسة وثمانون ميلادي، والذي بموجبه أصبح معيار الذهب أساسا للنظام النقدي المصري وأصبح للبلد عملة موحدة وهي الجنيه الذهبي المصري، وهكذا تخلّت عن معيار المعدنين رسميا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى