مقال

الدكروري يكتب عن المؤمن والسعادة الأخروية

جريدة الأضواء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الثلاثاء الموافق 19 مارس 2024

الحمد لله إقرارا بوحدانيته، والشكر له على سوابغ نعمته، اختص بها أهل الصدق والإيمان بصدق معاملته، ومن على العاصي بقبول توبته، ومد للمسلم عملا صالحا بوصيته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وألوهيته، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المفضل على جميع بريته، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريته، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد إن نعيم الجنة الحقيقي ليس في لبنها، ولا خمرها، ولا ذهبها، ولا قصورها، ولا حريرها، ولا حورها، وإنما نعيم الجنة الحقيقي في رؤية وجه ربها، فقال جل جلاله فى سورة القيامة “وجوه يومئذ ناضرة، إلى ربها ناظرة” وإن من صور السعادة الأخروية هو السعادة بشفاعته صلى الله عليه وسلم. 

وإن قلة السعادة وذهابها إلى غير أهلها وانتشار الشقاء بيننا من علامات الساعة، فعن حذيفة بن اليمان قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لا تقوم الساعة حتى يكون أسعد الناس بالدنيا لكع ابن لكع” رواه الترمذي ومعنى لكع بن لكع، أي لئيم ابن لئيم، أي رديء النسب، دنيء الحسب، وقيل أراد به من لا يعرف له أصل، ولا يحمد له خلق، وقيل أن اللكع عند العرب هو العبد ثم استعمل في الحمق والذم، وقيل الوسخ، ومما يؤكد لنا أن الإسلام دين السعادة هو شهادة غير المسلمين بذلك، فيقول روجييه دوباكييه وهو مفكر وصحفي سويسري كنت اسأل نفسي لماذا يشعر المسلمون بسعادة تغمر حياتهم رغم فقرهم وتخلفهم؟ ولماذا يشعر السويديون بالتعاسة والضيق رغم سعة العيش والرفاهية والتقدم الذي يعيشون فيه؟ 

حتى بلدي سويسرا كنت أشعر فيها بنفس ما شعرت به في السويد، رغم أنها بلد ذات رخاء، ومستوى العيش فيها مرتفع وأمام هذا كله وجدت نفسي في حاجة لأن أدرس ديانات الشرق، وبدأت بدراسة الديانة الهندوكية، فلم أقتنع بها كثيرا، حتى بدأت أدرس الدين الإسلامي، فشدني إليه أنه لا يتعارض مع الديانات الأخرى، بل إنه يتسع لها جميعا، فهو خاتم الأديان، وهذه حقيقة بدأت تتسع عندي باتساع قراءاتي حتى رسخت في ذهني تماما أنه دين السعادة والطمأنينة، ويقول نسيم سوسة محاضر عراقي يهودي عن سعادة البشرية، يجب أن لا يغرب عن البال أن المدنية الغربية الحديثة، خابت في إرضاء النفوس، وأخفقت في إيجاد السعادة البشرية فهبطت بالناس في هاوية الشقاء والارتباك لأن جهود العلم الحديث. 

موجهة إلى التدمير والإفناء، فهو بعيد والحالة هذه من أن يتصف بالكمال، أو أن يكون واسطة لخدمة الإنسانية كما كان في عهد الإسلام، فالكل يبحث عن السعادة والكل يتمني أن يكون سعيدا ويظن البعض أن السعادة في مال أو منصب أو جاه أو سلطان أو شهرة أو غير ذلك من أعراض الدنيا الزائلة ولكن السعادة الحقيقة ليست مادية وإنما هي معنوية روحية، فحينما تغذى الجانب الروحي تصير سعيدا مطمئنا قرير العين خالي البال، أما إذا أهملت الجانب الروحي وغذيت الجانب المادي وهو الجسد فقط، فأنت في هذه الحال كالبهائم أعزكم الله، وقد قال تعالى فى سورة محمد “والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم” فاللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى