مقال

كتب يحي محمد الداخلى.الأبجدية الإغريقية القديمة. تعلّم الإغريق

كتب يحي محمد الداخلى.الأبجدية الإغريقية القديمة. تعلّم الإغريق

الأبجديات الأوروپية الرئيسية، اللاتينية والسيريلية، مشتقة من الأبجدية الإغريقية القديمة. تعلّم الإغريق أبجديتهم من العرب الفينيقيين، الذين استخدموا أبجدية مكتوبة من اليمين إلى اليسار. لذلك، في الأصل، كُتبت الإغريقية من اليمين إلى اليسار، ولكن سرعان ما تحولت إلى “من اليسار إلى اليمين”.

في الأصل، كانت الآرامية وقريبتها الأگّدية تُكتب من الأعلى إلى أسفل. وهو ما بقي متوارث في الأبجديات شرق الآسيوية، كالصينية والمونگولية وغيرها. بالإضافة إلى التركية القديمة المنقرضة عن الوجود لصالح الجزم. ثمّ تحول العرب إلى السطر الأفقي في الدول السريانية والفينيقية والمسندية.

في تلك المرحلة، كتب الكثير من قدامى العرب نصوصهم بالاتجاهين وفق ما نسميه بنظام البوستروفيدون. ففي النقوش المسندية مثلاً قد يبدأ السطر الأول من اليمين ليتبعه السطر الثاني من اليسار ثم يبدأ السطر الثالث من اليمين، وهكذا دواليك. يمكنك العثور على العديد من المزهريات اليونانية القديمة حيث تم استخدام كلا الاتجاهين تماماً كما فعل العرب بالمسند.

تطورت أبجدية الجزم العربية في العراق من الأبجدية العربية النبطية، والتي تنحدر بدورها من الأبجدية العربية الفينيقية، لذا حافظت على النظام الفينيقي الذي يبدأ من اليمين إلى اليسار. لكن لماذا تحول الإغريق واللاتين إلى البستروفيدون ثم إلى “اليسار إلى اليمين”؟ لا أحد يدري بالضبط.

يعتقد بعض الآثاريين أن أول من تحول باتجاه النصوص لتبدأ من اليسار نحو اليمين كان الپونيقيين في قرطاج (الفينيقيين الغربيين)، ثم نقل عنهم عاداتهم اللاتين ومن وقع تحت حكمهم من الإغريق. ثم شاعت هذه العادة مع الدولة الرومانية بانتشار أحرفها اللاتينية في أوروپا. مع ذلك، لا يوجد أدلة أثرية على هذا الاعتقاد. إذ إنّ النقوش الپونيقية الناجية كلها تتجه من اليمين إلى اليسار، أو تتوالى بالاتجاهين.

في الصورة نقش مكتوب بنظام البوستروفيدون، حيث يبدأ من اليسار إلى اليمين، ثم في السطر التالي ينتقل من اليمين إلى اليسار، وينعكس اتجاه جميع أحرفه. هكذا بالتناوب بين السطور. وهو نقش قوانين گورتيس من جزيرة كريت، القرن الخامس قبل الميلاد.
_

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى