خواطر وأشعار

ألم الكتابة …

جريدة الأضواء

ألم الكتابة …. الكاتبة د.آمال بوحرب

أحيانًا لا أكتب بالحرفة أو تحت وطأة تقنياتها، وإنما بدوافع منبثقة من شهوة الكتابة نفسها وبحرارة الفكرة الأولى ولأجلها وأ تفادى إحراج نفسي بالكتابة تحت سطوة أسلوب بعينه لذلك تكون الكتابة من صميم مجريات الحياة وتحت تأثيرٍ مباشر من دفقاتها واندفاعاتها، فأمزج في الكتابة حالات النّفس كلها: خيباتها وانتصاراتها وانتكاساتها وأحلامها فإن كنت أريد الكتابة عن الحياة أحيانا تجرني المضادات إلى الموت والنهايات ، وكثيرا ما اعتبرها زفرة وتنهيدة أمام انتهاكات المتطفلين على القيم والمثل وفن الكتابة ومعنى الحياة، وتلطيخهم في المقابل لصفائها وحقيقتها، تنهيدة قد يُعاملها القارئ بنوع من الرّعب المشوب بالرّيبة أمام الموضوعات التي أختار أن أناقشها بالفكر والفكر المقابل لا بريشة ويراع الكتابة فقط
يقول نيتشة :”دائما أندهش بشكل كبير حين يبلغني أن أعمالي كلها فيها شيء مشترك ومميز، منذ ميلاد التراجيديا حتى آخر ما نشرت مقدمة لفلسفة المستقبل؛ لقد قيل لي: «إنها كلها تحوي بحيرات وأحابيل لاصطياد الطّيور المتغافلة، وشبه تحريض، خفي لكنه مستمر على قلب التّقديرات المعتادة والعادات المقدرة»»
وما أرقى أن يكون الكاتب هائما على الدوام لا يستقر فهو في عملية بحث مستمرة فجان جاك روسو “لم يتوقف عن التأمل حتى وإن دفع به الألم والبحث أن يلقب «مؤسس الأدب الرومانسي» بروايته «هلويز الجديدة»، حيث كان شديد التأمل فيها، هائما في الطبيعة يتجول في أماكنها ومحبا للخلوة، وناشرا لحب عذري وبحرارة عالية جدا.
ولعلي أتفق مع روسو عندما قرر ألا يتوقف إلا بعد أن يترك نظرية في السياسة، تجلت في كتابه ذائع الصيت «في العقد الاجتماعي» اذ يعطينا رؤية واضحة عن مفهوم الأمل والبحث لنصل إلى العمق الفكري الذي يتطلبه الوضع الراهن لمستوى الكتابة اليوم الذي أراه قد انزلق عن مساره البحثي والمنطقي ليكون إسقاطا لمعارف سابقة دون دلائل واضحة إذ تحيد الكتابة عن مجالها الخصب والغني وهو قطعا ليس لإثبات الذّات فقط، بل ولتصفية العقول مع الخصوم كالمثل العليا والبعد عن الواقع والوهم حتى اللّغة وأداة الكتابة يجب أن تدرس مع الإمكانات التي تمنحها لنا ويهدينا إياها الواقع فالبحث لرأب صدع العلاقة بين عوالم الحلم وعالم الفعل يستحق ولو على حساب هَدْأتنا واستقرارنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى