مقال

نفحات إيمانية ومع مسيلمة بن ثمامة ” جزء 2″

نفحات إيمانية ومع مسيلمة بن ثمامة ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع مسيلمة بن ثمامة، فالعملة الورقية عبارة عن سندات على المعادن الثمينة من الذهب والفضة، وهى إيصالات فقط، وليس فيها قيمة ذاتية، أما الذهب والفضة ففيها قيمة ذاتية، وقد قدم مسيلمة إلى المدينة في بضعة عشر رجلا من قومه بني حنيفة برئاسة سلمى بن حنظلة وفيهم الرجّال بن عنفوة أحد وجهاء القبيلة لإجراء مباحثات مع النبى صلى الله عليه وسلم وإعلان إسلامهم، ويبدو أنهم أملوا مقابل دخولهم في الإسلام الحصول على موافقة من النبى صلى الله عليه وسلم لخلافته، ويذكر أن بني حنيفة تعد من أضخم القبائل العربية وأوفرهم حظا بالمنعة والجاه، وقد دفعوا أولا بمسيلمة للوقوف على رأى النبى صلى الله عليه وسلم.

 

فاجتمع به منفردا وطلب منه أن يجعل الأمر له من بعده، فرفض النبى صلى الله عليه وسلم وقال له ” لو سألتنى هذا القضيب “وكان بيده” ما أعطيتكه وإنى لأراك الذى أريت فيه ما رأيت” ثم اجتمع أعضاء الوفد بالنبى صلى الله عليه وسلم فى المسجد دون مسيلمة، والواقع أن ذلك كان متعمدا، ولم تذكر المصادر ما دار في هذا الاجتماع، إنما روت خروج أعضاء الوفد وقد اعتنقوا الإسلام وأعطاهم النبى صلى الله عليه وسلم جوائزهم، غير أنه استنادا إلى تطور الأحداث بعد ذلك يحملنا على الاعتقاد بأنهم كرروا طلب مسيلمة بأن يكون الأمر لهم بعد النبى صلى الله عليه وسلم، وأن النبى صلى الله عليه وسلم رفض طلبهم، ولما قرروا العودة خاطبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلين.

 

“إنا خلفنا صاحبا لنا في رحالنا يبصرها لنا، وفي ركابنا يحفظها علينا”.وهذا دليل على أن تخلف مسيلمة كان متعمدا وفق خطة مبيتة لعلهم ينتزعون من النبى صلى الله عليه وسلم وعدا أو ما يشبه الوعد بتحقيق هدفهم، ولا شك بأن النبى صلى الله عليه وسلم أدرك فورا هدفهم بأن صاحبهم هذا هو مسيلمة، فلم يميزه وساواه بأصحابه، وقال ” أما إنه ليس بشركم مكانا يحفظ ضيعة أصحابه” فقيل ذلك لمسيلمة، فقال “عرف أن الأمر إليّ من بعده” فلما عادوا إلى ديارهم ادعى النبوة متخذا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مع وفد قومه وإخباره أنه ليس بشرهم مكانا دليلا على دعواه، وهذا تفسير أحادى الجانب يتناقض مع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الصريح بشأن وضعه.

 

وإنه ليس من السهل القبول بفكرة أن من سمع من النبى صلى الله عليه وسلم أو سمع عن النبى صلى الله عليه وسلم، خلال رحلة دعوته إلى الإسلام أن يرتد عن الدين بهذه السهولة، أو ينافسه فى النبوة، وليس من المنطقى ولا المعقول أن تجمع الصدفة هذا العدد الكبير، من الأنبياء المزيفين فى اللحظة التاريخية الخاصة التى أعقبت وفاة النبى صلى الله عليه وسلم، وأن هناك ثمة أسبابا سياسية دفعت إلى هذا التمرد الكبير الذى اجتاح القبائل العربية التى أسلمت وأطاعت النبى صلى الله عليه وسلم، وإن كتب التراث ذاتها تذكر أن هؤلاء المرتدين كانوا يصفون أنفسهم بالمسلمين، ما يعنى أن الصراع فى جوهره شكل امتدادا لأحداث السقيفة التى شهدت صراعا مكيا ومدنيا، على الحكم.

 

والواضح أن الكثير من القبائل العربية لم ترضى عن النتيجة التى تمخضت عنها مفاوضات السقيفة بتولية أبى بكر الصديق رضى الله عنه، وجعل الحكم حكرا على قريش فاندلع هذا التمرد السياسى الكبير الذى دمغت كتب التراث رموزه بادعاء النبوة، وقال النبى صلى الله عليه وسلم كما فى الصحيحين فضلت على الأنبياء بست، أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بى النبيون، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن لى أسماء، أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحى الذى يمحو الله بى الكفر، وأنا الحاشر الذى يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد” رواه مسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى