مقال

الدكرورى يكتب عن آخر ملوك يهوذا صدقيا بن يوشيا “جزء 3”

الدكرورى يكتب عن آخر ملوك يهوذا صدقيا بن يوشيا “جزء 3”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع آخر ملوك يهوذا صدقيا بن يوشيا، وكان اسمه فى الأصل متنيا، وغير الملك نبوخذ نصر اسمه، وجعله ملكا مكان ابن أخيه، وأطلق عليه أو بالحرى، دعاه ليطلق على نفسه اسما آخر، ويبدو أن متنيا وقد قطع عهدا مع الملك نبوخذ نصر بالخضوع والوفاء له، وحلف وبذلك اختار اسم صدقيا الذى يعنى بر الله، مما يحمل معه التصور، أنه قصد أن يشهد الله الصادق على الوفاء للملك الذى عامله معاملة طيبة وحسنة، على أن الضربة القاتلة لهذا الملك، كانت ترجع إلى تردده وعدم ثباته، وضعفه فى مواجهة العواصف والزوابع التى كانت تحيط به، ويصح أن نطلق عليه الملك المهزوز الذى يتجه كيفما تدفعه الرياح، فهو أدنى فى حياته إلى القصبة التى تهزها الريح لتميل فى الاتجاه الذي تدفعه إليها، وكانت المأساة الكبرى فى حياته

 

أن نبوخذ نصر عندما إجتاح أرض يهوذا أيام يهوياكين، لم يحمل معه خيرات الأمة فحسب، بل أخذ أفضل الناس وأشرفهم فيها، وتركها بدون مال أو رجال يعتمد عليهم، وأحاط بصدقيا مجموعة من الحمقى الذين لا يعرفون كيف يزنون الأمور، ويتصرفون بدون خبرة أو فهم، وكانوا يحركون الملك كما يشاءون وقد كانت هناك فرصة عظيمة أمام الرجل إذ كان إلى جواره فى المدينة رجل الله النبى إرميا، وكان صدقيا يؤمن بنبوة إرميا وقد دعاه مرات كثيرة ليتحدث إليه ويسمع منه كلمة الرب لكنه مع ذلك، لم ينتفع كثيرا بالكلمة رغم وضوحها، لأنه كان يخاف الرؤساء المحيطين به، ولا يجسر على مخالفتهم، وهو يسجن إرميا تحت ضغطهم مع يقينه بصدق الرجل، وأمانته، وفى الوقت عينه إذ يدفعون به إلى الجب، ويتعرض النبى للموت فيه.

 

يرسل عبد ملك ومعه ثلاثون رجلا لإنقاذه، وإطعامه، فى دار السجن، لم يكن صدقيا يشك فى وطنية إرميا وفى صدق نبوته، وكان يتمنى فى قرارة نفسه أن يستمع إلى نصيحته، رغم شدتها وقسوتها، ولكنه كان من النوع الذي واجه المشكلة بتأجيلها أو تجاهلها حتى يستفحل أمرها ويستحيل علاجها، ولعل أدق وصف يمكن وصفه به، هو قول النبى يعقوب عليه السلام” رجل ذو رأيين هو متقلقل فى جميع طرقه ” فإذا كان التقلقل فى حد ذاته أمرا معيبا بالنسبة لأى رجل لا يثبت على حال، فإنه أشد ضررا وخطورة فى أوقات الأزمات والصعاب، إذ توجد لحظات فى الحياة يتحول معها التردد إلى الكارثة التى لا يجدى معها أدنى أمل أو رجاء، وقد كانت الأيام التى عاشها الملك صدقيا أيام الغروب بالنسبة لبلاده وأمته، وقد توزعت الأفكار عن أفضل الطرق.

 

وهل تكون بالتعاون مع بابل، أم بالتمرد عليها والتحالف مع مصر وغيرها من الأمم التى تريد الوقوف فى وجه نبوخذ نصر، وفى أعماق الظلام، وقد سأل صدقيا النبى إرميا عن رسالة الله تعالى، ولكن صدقيا لم يقبل الجواب وكان وضع القدس في القرن العاشر قبل الميلاد موضوع نقاش رئيسي، حيث تشكل مدينة داود أقدم مدينة في القدس والجوهر الحضري الأصلي لها، ولا تظهر أي دليل على نشاط سكاني إسرائيلي كبير حتى القرن التاسع قبل الميلاد، ومع ذلك فإن الهياكل الإدارية المتميزة مثل الهيكل الحجري المتدرج والأبنية الحجرية الكبيرة تحتوي على ثقافة تعود إلى العصر الحديدي الأول، وقد اعتبر عالم الآثار إسرائيل فينكلستاين أن القدس في القرن العاشر قبل الميلاد كانت قرية صغيرة بين قرى يهوذا وليست عاصمة للملكة بسبب النقص الواضح.

 

في النشاط الاستيطاني فيها في ذلك القرن، ويعتقد فينكلستاين أن المدينة ربما كانت غير مأهولة بشكل غير كامل، وتشير مجموعة من الأوامر العسكرية التي عُثر عليها في أنقاض قلعة عسكرية في النقب تعود إلى فترة مملكة يهوذا إلى معرفة القراءة والكتابة على نطاق واسع، بين السكان، وباعتبار أن هذه الأوامر منقوشة على الألواح فإن القدرة على القراءة والكتابة كانت ممتدة عبر سلسلة من القيادات العسكرية، وقد كانت معرفة القراءة والكتابة موجودة على جميع مستويات الأنظمة الإدارية والعسكرية والكهنوتية في يهوذا، ولم تقتصر معرفة القراءة والكتابة على نخبة صغيرة، وهذا ما يشير إلى وجود بنية تحتية تعليمية كبيرة في يهوذا في ذلك الوقت، ولقد حاول ملوك يهوذا في أول ستين سنة من عمر المملكة إعادة فرض سلطتهم على مملكة إسرائيل الشمالية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى