مقال

الدكروري يكتب عن الإمام إبن حجر العسقلاني ” جزء 11″ 

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام إبن حجر العسقلاني ” جزء 11″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الحادي عشر مع الإمام إبن حجر العسقلاني، وبلغ عدد مجالسه مائتان وثلاثون مجلسا في مجلد واحد، ولم تقتصر أماليه على مصر، ففي أثناء وجوده بدمشق قد صحبة الملك الأشرف، وعقد مجلسا حافلا بجامع بني أمية في يوم الثلاثاء السادس عشر من شهر شعبان سنة ثماني مائة وست وثلاثون من الهجرة، باستملاء برهان الدين العجلوني، كما أملى بحلب سبعة مجالس باستملاء القاضي نور الدين علي بن سالم المارديني، ابتدأ فيها يوم الثلاثاء الخامس عشر من شهر رمضان من السنة المذكورة وختمها يوم الثلاثاء الثاني عشر من شهر ذي القعدة من السنة نفسها، وبعد عودته إلى مصر شرع في إملاء تخريج أحاديث الأذكار للنووي بالمدرسة البيبرسية، وكان الابتداء بها في يوم الثلاثاء السابع من صفر سنة ثماني مائة وسبعة وثلاثون من الهجرة.

 

واستمر بالإملاء قبيل وفاته، وكان آخر مجلس أملاه سنة ثماني مائة واثنين وخمسين من الهجرة بدار الحديث الكاملية، وجملة ما أملاه ألف ومائة وخمسون مجلسا، وبلغت عدد مجلدات ما أملاه عشرة مجلدات، أملاه من حفظه مهذبة محررة متقنة، وقد أشار هو إلى أماليه في بعض قصائده التي نظمها قبل وفاته، وقد عمل الحافظ ابن حجر بالتدريس، وعني ابن حجر عناية فائقة بالتدريس واشتغل به ولم يكن يصرفه عنه شيء حتى أيام توليه القضاء، وغلب عليه تدريس عدة فنون، وكان أشهرها هو التفسير اشتغل ابن حجر بتدريس التفسير بالمدرسة الحسنية، والقبة المنصورية، وكما درس ابن حجر الحديث بشتي علومه حتى اشتهر به وغلب عليه، ولقد كثرت المدارس التي تولى تدريس الحديث فيها وكانت الشيخونية هي أول مكان ولي فيه تدريس الحديث، بأمر السلطان فرج بن برقوق.

 

وذلك في شوال سنة ثماني مائة وثمانية من الهجرة، يليها قبة الخانقاه البيبرسية، والمدرسة الجمالية المستجدة، والجامع الطولوني، والقبة المنصورية، كما ولي مشيخة الحديث بالمدرسة الزينية سنة ثماني مائة وواحد وخمسون من الهجرة، ومشيخة إسماع الحديث بالمدرسة المحمودية، وولي أيضا مشيخة دار الحديث الأشرفية بدمشق، وكما درّس الحافظ ابن حجر الفقه بالشيخونية، والمدرسة الشريفية الفخرية، والكهارية، وولي تدريس فقه الشافعية بالمؤيدية أول ما فتحت في ثالث جمادى الأولى سنة ثماني مائة واثنين وعشرين للهجرة، كما درّسه بالمدرسة الخروبية البدرية بمصر، والصالحية النجمية، والمدرسة الصلاحية المجاورة لقبة الإمام الشافعي، وكانت طريقته في إلقاء الدروس متميزة عن أقرانه ويظهر فيها جانب الابداع بالنظر لما يثيره من مسائل تقوم على الاستنباط.

 

والتشكيك، والنقد، وقد وصفه تلميذه السخاوي فقال إليه المنتهى في إلقاء الدروس على طريقة لم أري نظيره فيها، ويأتي في كل فن من بنات فكره استنباطا واستدراكا وتشكيكا بما يبهر علماء ذلك الفن، بحيث يقضون له بالسيادة فيه، وكان لايبدأ درسه حتى يقرأ سورة الأعلى، ويصلي على رسول الله صلي الله عليه وسلم ويدعو له وللحاضرين والأئمة الماضين، وقد سُئل عن الحكمة في خصوص سورة الأعلى دون غيرها، فقال قد تبعت في ذلك شيخنا العراقي، وفيها من المناسبة قوله تعالى ” سنقرئك فلا تنسي” وقوله تعالي ” فذكر إن نفعت الذكري” وقوله تعالي ” صحف إبراهيم وموسي” وكما تولي الحافظ ابن حجر إفتاء دار العدل سنة ثماني مائة وإحدي عشر للهجرة، واستمرت هذه الوظيفة معه حتى وفاته، واتسمت فتاويه بالإيجاز مع حصول الغرض منها.

 

ولا سيما في المسائل التي لا نقل فيها وبلغ معدل ماكان يكتبه في اليوم الواحد أكثر من ثلاثين فتيا، وقل أن يمضي له يوم لا يكتب في المجلس الواحد على نحو عشرين فتيا، وصنف ابن حجر كتابا في الفتاوى سماه عجب الدهر في فتاوى شهر، وهو مجلد لطيف يشتمل على ثلاثمائة مسألة أجاب عنها في مدة شهر واحد، وكما تولي أيضا الخطابة في الجامع الأزهر سنة ثماني مائة وتسعة عشر للهجرة، عوضا عن خطيبه تاج الدين بن رزين، ثم تولى الخطابة بجامع عمرو بن العاص، كما كان يخطب بالسطان بجامع القلعة أيام تلبسه بالقضاء، على جاري عادة قضاة الشافعية آنذاك، وكذا خطب بالسلطان الأشرف برسباي بالجامع الأموي بدمشق، عندما صحبه في سفرة آمد، أما خطبه فقد وصفها تلميذه السخاوي فقال كان لها صدع في القلوب، ويزداد وهو على المنبر من المهابة، والنور والخفر ما لا أستطيع وصفه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى