مقال

الدكروري يكتب عن الفقهاء من الصحابة “جزء 3”

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الفقهاء من الصحابة “جزء 3”
بقلم / محمـــد الدكــــرورى
ونكمل الجزء الثالث مع الفقهاء من الصحابة، ولقد رفع بهم اتصالهم المستمر برسول الله صلى الله عليه وسلم، وحبهم الخالص له، إلى عالم من الفكر والعواطف لم يشهد محيط أسمى منه وأرقى مدنية واجتماعا والواقع أن هؤلاء الصحابة الكرام، كان قد حدثت فيهم تحولات ذات قيمة كبيرة من كل زاوية، وأثبتوا فيما بعد في أصعب مناسبات الحروب أن مبادئ رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، إنما بذرت في أخصب أرض أنبتت نباتا حسنا، وذلك عن طريق أناس ذوي كفاءات عالية جدا، فكانوا حفظة الصحيفة المقدسة وأمناءها، وكانوا محافظين على كل ما تلقوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، من كلام أو أمر، ولقد كان هؤلاء قادة الإسلام السابقين الكرام الذين انجبوا فقهاء المجتمع الإسلامي، وعلماءه ومحدثيه الأولين، وهكذا فإنه يطلق لفظ الصحابي، على كل من لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسلم وبقي على الإسلام حتى مات.

وأما عن تعريف الصحبه، فالصحبة في اللغة هى الملازمة والمرافقة والمعاشرة، وفي حديث قيلة خرجت أبتغي الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصاحب المرافق ومالك الشيء والقائم على الشيء، ويطلق على من اعتنق مذهبا أو رأيا فيقال أصحاب أبي حنيفة وأصحاب الشافعي، وأما عن الصَاحبة فهى الزوجة، وقد قال تعالى فى كتابه الكريم فى سورة الجن “وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا” فنعلم جميعا أن الصحابى هو من رأى النبى صلى الله عليه وسلم، وآمن به ومنهم من ولد قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومنهم من ولد في حياته، صلى الله عليه وسلم، وعن أبي سعيد الخدرى يقول ” أن رسول الله قال “الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضا بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد أذاني، ومن أذاني فقد أذى الله، ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه” وهذا الحديث متفق عليه.

فعلى أي حال قال ابن الصلاح “ثم إن الأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة، ومن لابس الفتن منهم فكذلك، بإجماع العلماء الذين يعتد بهم في الإجماع، إحسانا للظن بهم، ونظرا إلى ما تمهد لهم من المآثر، وكأن الله سبحانه وتعالى، أتاح الإجماع على ذلك لكونهم نقلة الشريعة، وجميع ما ذكرنا يقتضي القطع بتعديلهم، ولا يحتاجون مع تعديل الله ورسوله لهم إلى تعديل أحد من الناس، وقد نقل ابن حجر عن الخطيب في الكفاية، أنه لولم يرد من الله ورسوله فيهم شيء مما ذكرناه لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة، والجهاد، ونصرة الإسلام، وبذل المهج والأموال، وقتل الآباء، والأبناء, والمناصحة في الدين، وقوة الإيمان واليقين، القطع بتعديلهم، والاعتقاد بنزاهتهم، وأنهم كافة أفضل من جميع الخالفين بعدهم والمعدلين الذين يجيئون من بعدهم، ثم قال هذا مذهب كافة العلماء، ومن يعتمد قوله، وروى بسنده إلى أبي زرعة الرازي قال.

“إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله محمد فاعلم أنه زنديق، ذلك أن الرسول حق، والقرآن حق، وما جاء به حق، وإنما أدى إلينا ذلك كله الصحابة، وهؤلاء يريدون أن يجرحوا شهودنا، ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى، وهم زنادقة” وإن الصحابة هم الذين عرفوا من أحوال رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، ما جعلهم يهرعون إليه ويضعون مقاليدهم بين يديه ينغمسون في فيضه الذي بهر منهم الأبصار وأزال عنهم الأكدار، وصيرهم أهلا لمجالسته ومحادثته ومرافقته ومخالطته، حتى آثروه على أنفسهم وأموالهم وأزواجهم وأولادهم، وبلغ من محبتهم له وإيثارهم الموت في سبيل دعوته للإسلام أن هان عليهم اقتحام المنية كراهة أن يجدوه في موقف مؤذ أوكربة يغض من قدره، فالصحابة ذاك المصطلح التاريخي الذى يطلق على من آمن بدعوة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.

ورآه ومات على ذلك الإيمان، وكذلك فإن الصحبة هي الملازمة والمرافقة والمعاشرة، ولقد رافق الصحابة رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، في أغلب فترات حياته بعد الدعوة، وساعد بعضهم على إيصال رسالة الإسلام إلى البشريه كلها، ويعد فقه الصحابة الكرام رضي الله عنهم هو اصدق معبر عن الفقه الاسلامي، حيث يمثل المرحلةَ الاولى في حياة الامة، وقد اتصف بالرصانة وقرب الاستدلال وقوته, فهو المعبر الاول عن النص الشرعي وكيفية التعامل معه, ومن هذا التعامل مع النص انبثق المنهج الاسلامي بصورته الاولى، فأصبح اللبنة التي بُني عليها علم المتأخرين، ومن اصوله تفرعت الفروع، ولما فتحت الفتوحات وانتشر الصحابة في البلدان، ودخل الناس دين الله افواجا وكثرت المستجدات، فقد احتاج الصحابة للاجتهاد، ومن المؤكد ان ينتج عن هذا الاجتهاد خلاف وتعدد في الاراء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى