مقال

الدكروري يكتب عن الإنتصار على التآكل والهزال الروحي

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإنتصار على التآكل والهزال الروحي
بقلم / محمـــد الدكــروري

ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير والكثير عن شهر رمضان المبارك وأنه هو شهر الإنتصارات والفتوحات، وإن من الإنتصار فى الشهر المبارك هو الإنتصار على التآكل والهزال الروحى، فإن هموم الحياة ومشاغلها وضغوطها، تنحت من الجانب الروحى والإيمانى للمؤمن، فإن لم يتعهدها دائما بالتجديد والتزود فإنه الهلاك بعينه، فتأتي نفحات رمضان وفيوضاته الروحية ليستدرك بها وفيها مانقص من إيمانه، وماتآكل وهزل وجف من روحه، فيجدد التوبة والأوبة والرجوع إلى مولاه، ويكثر من الإستغفار والتذلل والإنكسار والإنابة إليه، ويتصالح مع الصلاة والقرآن والأذكار، ويكثر من الصدقة والإنفاق في سبيل الله، فما يمر عليه الشهر إلا وهو ممتليء روحيا يقظ إيمانيا، ويجد نفسه وقد ردت إليه روحه.

التى كاد أن يفقدها في زحمة المغريات والشهوات والجواذب والصوارف، وتخلص من تآكلها وهزالها وجفافها، بعد أن كانت قاحطة جدباء، وأنها قد أشرقت بنور ربها، بعد أن أظلمت وأدلهمت بكثرة الذنوب والمعاصى والآثام والتقصير في جنب الله عز وجل، فيخرج من محطة الصيام وهو أقوى إيمانا وأرق فؤادا وأنور قلبا وأهنأ بالا وأكثر إطمئنانا وأشف روحا وأشد عزما وأصلب عودا وأوفر سكينة وأعظم زادا، فما عليه إلا أن يواصل الترقى الروحي ويحافظ على كل ذلك لينتفع بها بعد رمضان، فالحذر كل الحذر أن يخرج عليك رمضان وأنت تراوح مكانك روحيا، فلا أنت تخلصت من جفافها وتآكلها، ولا أنت إستطعت أن تتفوق في عمليتى التخلية والتحلية، فإن كان فأعلم بأنك قد إنهزمت في معركة الروح.

وأنك حرمت بركات الشهر وفضائله، فإن هذه الإنتصارات ينبغى على العبد المؤمن الصائم أن يحققها، وأن تكون برنامجه العملى في رمضان، حتى يحكم له بأنه قد كتب فى عداد الفائزين والناجحين والحاصلين على الجوائز، وأنه قد قدم الدلائل العملية البينة والقوية للقبول في مدرسة الثلاثين يوما، ووضع لبنة صالحة لتقريب موعد النصر وزيادة فرصه للأمة ودينها، وبأن لايكون حجر عثر في طريق تحقيق ذلك بتكاسله وهزائمه المتكررة أمام شيطانه وشهواته ونفسه وهواه ولسانه، وكما كانت فى أولى المعارك الكبرى في تاريخ الإسلام، كانت غزوة بدر الكبرى في السابع عشر رمضان من العام الثانى للهجرة، فقاد النبى الكريم صلى الله عليه وسلم ثلاثمائة من أصحابه لاعتراض قافلة لقريش يقودها أبوسفيان بن حرب.

إلا أن القافلة اتخذت طريقا آخر، مما دفع كبار قريش إلى الخروج من مكة والتصميم على ملاقاة المسلمين في معركة مباشرة، ظنا منهم أنها ستكون نزهة عسكرية، وكانت هذه المعركة هى الانتصار الأول للمسلمين في تاريخهم الحربي، فقتل من جيش قريش سبعين ووقع مثلهم في الأسر من أصل ما يقرب من ألف مقاتل، فيما استشهد أربعة عشر صحابيا من المسلمين، من ثلاثة مائة وثلاثة عشر كانوا عدد المسلمين فى تلك المعركة، وأكسب الانتصار في تلك الغزوة روحا معنوية عالية للمسلمين، أعطتهم الثقة في أنفسهم لمواجهة أعدائهم من يهود المدينة الذين كانوا يكيدون للمسلمين، وكذلك مواجهة قريش أخري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى