مقال

الدكروري يكتب عن أوقات فيها نفحات

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن أوقات فيها نفحات
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله جعل الحمد مفتاحا لذكره، وجعل الشكر سببا للمزيد من فضله، ودليلا على آلائه وعظمته، قضاؤه وحكمه عدل وحكمة، ورضاه أمان ورحمة، يقضي بعلمه، ويعفو بحلمه، خيره علينا نازل، وتقصيرنا إليه صاعد، لا نقدر أن نأخذ إلا ما أعطانا، ولا أن نتقي إلا ما وقانا، نحمده على إعطائه ومنعه وبسطه وقدره، البرّ الرحيم لا يضيره الإعطاء والجود، ليس بما سُئل بأجود منه بما لم يُسأل، مُسدي النعم وكاشف النقم، أصبحنا عبيدا مملوكين له، له الحجة علينا ولا حُجّة لنا عليه، نستغفره ونتوب إليه مما أحاط به علمه وأحصاه في كتابه، علم غير قاصر وكتاب غير مغادر وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله سيد البشر أجمعين ورسول رب العالمين، فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله الطيبين الطاهرين.

وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وعلى أصحابه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد إن من فضل الله تعالي على أمة محمد صلى الله عليه وسلم أن جعل لهم مواسم للطاعات تتضاعف فيها الحسنات، وترفع فيها الدرجات، ويغفر فيها كثير من المعاصي والسيئات، فالسعيد من اغتنم هذه الأوقات وتعرض لهذه النفحات، ومن هذه النفحات العشر الأوائل من ذي الحجة، فعن ابن عباس رضى الله عنهما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله عز وجل من هذه الأيام العشر، قالوا يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء” لهذا حثنا صلى الله عليه وسلم على اغتنام هذه النفحات حيث قال.

“اطلبوا الخير دهركم، وتعرضوا لنفحات رحمة ربكم، فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده، فاسألوا الله أن يستر عوراتكم ويؤمّن روعاتكم” رواه ابن أبي الدنيا والطبراني، وقال أيضا صلى الله عليه وسلم “إن لله في أيام الدهر نفحات فتعرضوا لها، فلعل أحدكم أن تصيبه نفحة فلا يشقى بعدها أبدا” رواه الطبراني، ولو نظرنا إلى أعمار الأمم السابقة لوجدنا أنهم كانوا يعيشون المئات بل الآلاف من السنين ، فهذا نبى الله نوح عليه السلام لبث في قومه تسعمائة وخمسون سنة، فكانت مدة بعثة نبى الله نوح عليه السلام ألف إلا خمسين سنة، وعاش قبل البعثة فترة وبعد الطوفان فترة، يعني أكثر من ألف عام، فلو قارنت عمرك وحسبت صلاتك وصومك وزكاتك وجميع أعمالك في عمرك الذي يتراوح بين الستين والسبعين.

كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك” فكم تكون أعمالك بين هذه الأعمار المديدة؟ وقد أخبرنا صلى الله عليه وسلم بذلك، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “خلق الله آدم وطوله ستون ذراعا، وعرضه سبعة أذرع، فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن” فالله زاد الأمم الماضية بسطة في الجسم والعمر، وما زال الخلق يقصر طولا وعرضا وعمرا حتى الآن، لذلك خص الله عز وجل هذه الأمة بنفحات تتمثل في أوقات قليلة تشمل فضائل ورحمات غزيرة حتى تلحق هذه الأمة غيرها من الأمم في الأجر والفضل والثواب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى