منوعات

رسالة من داخل السّجن “رواية قيد الإنجاز”

رواية قيد الإنجاز

رسالة من داخل السّجن
“رواية قيد الإنجاز”
ــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم: رشيد (فوزي) مصباح
ــــــــــــــــــــــــ
الجزء الثّالث
(6)
طالت المدّة ولم يجدوا حلاّ للقضية، القانون يشترط أدلّة وعلى أعوان القضاء إيجادها. و لكن رئيس فرقة درك وادي الكبريت، بولاية سوق أهراس، اعتمد في كتابة المحضر على مكالمة مجهولة، حسب ما أقرّ لي به ذات مرّة حين راح يستعطفني بقوله: “لستُ من كان يبحثُ عنك ولكنه جاءني مخبر”. بمعنى قوّاد. وأراد أن يكمل حديثه فقاطعته.
استغرقتْ “الوشايا الباطلة” ما يزيد عن ثمانية أشهر، وكان الملف قد تمّ وضعه في أسفل درج بعد غلقه من طرف قائد المجموعة الإقليمية الذي عرفّني به أحد الأصدقاء، لكن تم تفعيله بعد رحيله فورا. ممّا يدل على أنّ هناك من كان يترصّدني ليتصيّدني وأنا في غفلة من أمري.
واستغرق الأمر على مستوى النائب العام مدّة قبل أن يقوم بإخطار الوالي وطلب رأيه لرفع الحصانة عن رئيس المجلس الشعبي البلدي.
طالت المدّة وقدّم المحامي طلب إفراج مؤقّت، أوّل، وثاني، تمّ رفضهما من طرف الغرفة الادارية بقالمة.
ورفض أهلي المحامي الأوّل الذي ناولته رقم هاتف والدي في المحكمة، لأسباب لم أعرفها لحد الآن. وكذلك المحامي الثّاني الذي وكّله الخائن زميلي، لكن ذلك كان بسبب تخوّفهم من أن يتاجر بقضيّتي، خاصّة وأنّ زميلي الذي لم يخفِ طموحه الكبير ورغبته الكامنة في استخلافي، وحتى انه لم يتردّد لحظة واحدة في زيارتي إلى السجن ليراني كيف أتعذّب ويستمتع برؤيتي بعينيه الصّفراوين؛ عينان تحترقان بنار حقده الدّفين.
وانتظرتُ أولى الجلسات فتأجّلت، وفي الثانية تنحنح الرّئيس بعد قراءة الملف وتناوله بطريقة غريبة وقال:
-“هذه ليست قضية أصلا وكان يمكن معالجتها خارج إطار المحكمة!”.
وصلتني الرّسالة، وعرفتُ أن الرّئيس المحترم (سعدالله)، أطال الله في عمره إذا كان على قيد الحياة، يعلم وأن ثمّة مؤامرة حيكت ضدّي. لكنه لم يستطع إلغاء كل الإجراءات التي تم إتّخاذها من طرف رئيس فرقة الدرك “الفظ“، “الجِلف“، الذي كانت تربطني به أكثر من حكاية، والذي كان يستغلّ وظيفته في التسلّط على رئيس المجلس الشعبي البلدي الضّعيف، الآمر بالصّرف”نظريا” ورئيس البلدية “مجازا”؛
حيث كان يستغلّ ندرة بعض المواد الاستهلاكية، كالمعكرونة وغيرها، و التي يقوم باستخراجها من مركّب “لعوينات“القريب من مقر عمله ويرسلها إلى حانوته الموجود بمقر سكناه ببلدة تسمّى “عين الطويلة” بولاية خنشلة البعيدة جدّا، بواسطة شاحنة البلدية الوحيدة والتي توجد في حالة يرثى لها! لستُ أدري كيف أسمّيه ” ولد القحبة ” أم ” إبن العاهرة ” ؟.
وكنت أنا الوحيد الذي يقف في وجهه، وذات يوم جمعني به المكتوب في إحدى شواطئ مدينة “عنّابة” ” السّاحلية، فقال لي بلكنة شاوية، التي كان يتحدّث بها حتى يحشيها لبعض السذّج من سكّان المنطقة الغلابة المساكين، وهو ما دفعني إلى تسميته بـاللمّوشي”الرّاعي” والرّاعي أفضل منه بكثير، قال لي يومها بلهجة أمازيغية : “أخضايا شك برك والباقي فلاّ”. بمعنى: (اتركنِ أنتَ والباقي أنا لهم). وعلى قول فولتير:
[Mon Dieu, gardez-moi de mes amis. Quant à mes ennemis, je m’en charge].

رسالة من داخل السّجن “رواية قيد الإنجاز”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى