مقال

سكت القلم وجف الحبر

سكت القلم وجف الحبر

كتب/ يوسف المقوسي

 توفي أكرم زعيتر فمن سيذكر القضية الفلسطينية بعده ؟

لا يختلف اثنان على نزاهته ووطنيته وموقفه العروبي الناصع ، لذلك كان طبيعيا ان تختاره الحكومة الاردنية سفيرا في لبنان بعد احداث ايلول الدامية ، لقدرته على تمثيل الاردن في تلك المرحلة ، وقدرته على تطبيب بعض الجروح النازفة ، واعادة فتح بعض قنوات الاتصال مع منظمة التحرير الفلسطينية التي ظلت تكن له الاحترام والتقدير ، وظل سفيرا في العاصمة اللبنانية حتى عام 1975 ، أي بعد قرار قمة الرباط باعتبار المنظمة ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الفلسطيني 

شكل المناضل والدبلوماسي أكرم زعيتر حالة مهمة في مسيرة النضال القومي العربي، حيث امتد فكره وحسه الوطني على مساحة الوطن العربي المناهض للهجمة الاستعمارية التي هيمنت على البلاد العربية وسعت الى تقسيمه، والنيل من المناضلين الأحرار والمكافحين عن كرامته ووجوده على الصعيد الجغرافي وكأمة موحدة ذات تاريخ عريق. فكان من رواد العلم والمعرفة الذين قاموا بتسخير حياتهم دفاعا عن الأرض والكرامة من اجل حياة حرة كريمة ومستقبل أفضل انطلاقا من مبادئ الثورة العربية الكبرى التي فجرها الشريف حسين بن على في العقد الثاني من القرن الماضي.

 

ولد أكرم زعيتر عام 1909 في مدينة نابلس لأسرة عريقة، فوالده الشيخ عمر الجزائري من كبار رجالات نابلس، إذ ترأس بلديتها في أوائل القرن العشرين، وأخوه العلامة عادل زعيتر، شيخ المترجمين العرب.

درس أكرم زعيتر في مدارس نابلس الابتدائية وحقق نبوغا مبكرا، وقد لفت هذا انتباه معلميه الى جانب سرعة البديهة وقدرته على التحصيل العلمي، وبعد أن أنهى هذه المرحلة التحق بكلية النجاح من اجل إكمال المرحلة الثانوية.

 

انتسب للجامعة الأمريكية في بيروت، والتحق بمعهد الحقوق في القدس.

 

عمل في بداياته في مهنة التعليم في المدارس الثانوية في نابلس.

 

على اثر ثورة عام 1929 في فلسطين والحملة التي شنها المندوب البريطاني على الثوار العرب، قرر زعيتر الاستقالة من مهنة التدريس، ليتفرغ للعمل الوطني، فتولى رئاسة تحرير جريدة “مرآة الشرق” في القدس، وبعد مرور ثلاثة أشهر على عمله، تعرض للاعتقال لأسباب أمنية، وأصدرت المحكمة فيه حينه قرارا يقضي بإبعاده لمدة عام الى نابلس وفيها شارك في النشاطات الوطنية والمظاهرات التي اجتاحت المدينة، وخاصة يوم اعدام الشهداء الثلاث وهم فؤاد حجازي ومحمد جمجوم وعطا الزير.

 

أثناء عودته الى القدس مرة أخرى تولى تحرير جريدة “الحياة” التي كان لها دورا في نشر الوعي القومي وكشف مؤامرة قوى الانتداب وبالتالي ساهمت في تعبئة الفلسطينيين للمشاركة في أحداث عام 1931.

 

تعرض اكرم زعيتر للاعتقال ثانية، وأغلقت جريدة الحياة وتم ابعاده عن مدينة نابلس، حيث تولى التدريس في كلية النجاح.

 

الا ان هذا لم يثنه عن عمله الوطني، فقام، ومجموعه من رفاقه بتأسيس ” جمعية العناية بالمساجين العرب”، على ضوء ارتفاع عدد المعتقلين العرب نتيجة المشاركة في المظاهرات والثورات المتعاقبة.

 

أسس، ورفاقه حزب “الاستقلال” في فلسطين، وشارك في “عصبة العمل القومي” في سوريا، تسلم منصب نائب رئيس مؤتمرها التأسيسي الذي عقد في لبنان عام 1933، وقام حزب الاستقلال بإيفاده الى العراق لتمثيله في رثاء الملك فيصل الأول في بغداد عام 1933.

 

في أعقاب أحداث عام 1936، ساهم في تأسيس اللجان الشعبية، وتولى أمانة سر لجنة نابلس، وتواصل مع الأحرار العرب بهدف تأمين الدعم للمناضلين، وكانت اللجان الشعبية قد دعت الى الإضراب العام الذي استمر ستة أشهر، الذي مهد لثورة عام 1936.

 

جرى اعتقاله، ثم لجأ بعد الإفراج عنه الى دمشق.

 

حضر “مؤتمر بلودان”، وتولى العمل الإعلامي للقضية الفلسطينية في سوريا والدول المجاورة، وعمل مع العرب على تعزيز حالة الثورة الفلسطينية، ونتيجة للمضايقات التي تعرض لها اتجه للعراق وعمل فيها مفتشا في وزارة المعارف وأستاذا في دار المعلمين العراقية.

 

لجأ أكرم زعيتر الى تركيا، في أعقاب فشل ثورة رشيد رضا الكيلاني عام 1941، حيث فرضت عليه الإقامة الجبرية طوال فترة تواجده فيها، ثم انتقل الى سوريا، حيث عين مستشارا لوفدها في جامعة الدول العربية، وعضو لجنة فلسطين الدائمة في الجامعة العربية، وفي عام 1947 سافر الى أمريكا اللاتينية على رأس وفد لشرح القضية الفلسطينية والدفاع عنها، تولى أمانة سر الندوة الإسلامية في دورتها التي عقدت في القدس عام 1959.

 

جرى تعينيه سفيرا للأردن في سوريا عام 1963، وشارك في الحكومة الأردنية وعهدت اليه وزارة الخارجية عام 1966، وعين بعد خروجه من الحكومة عضوا في مجلس النواب عام 1967 ومن ثم أصبح وزيرا للبلاط الملكي الهاشمي.

 

عاد مرة أخرى للسلك الدبلوماسي منذ العام 1971-1975، فعين سفيرا للأردن في اليونان ولبنان. وأثناء إقامته في لبنان ساهم بنشاط في الحركة الثقافية، وكان رئيسا للمركز الثقافي الإسلامي لسنوات، وشارك الشعب اللبناني الحصار الإسرائيلي لبيروت عام 1982، حيث احترقت مكتبته التي كانت تضم رسائل كبار الشعراء والأدباء العرب في الوطن والمهجر.

 

عاد بعدها للأردن، تم تعيينه في مجلس الأعيان، وكان عضوا في مجمع اللغة العربية الأردني، وعضوا في المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية، ورئيسا للجنة الملكية لشؤون القدس.

 

توفي أكرم زعيتر في عمان عام 1996.

 

من مؤلفاته:

 

1- تاريخنا – طبع بالاشتراك مع درويش المقدادي، عام 1935.

 

2- المطالعة العربية بالتعاون مع محمد ناصر – طبع عام 1939.

 

3- التاريخ للصفوف الابتدائية طبع مع على الشريف صدقي حمدي، عام 1940.

 

4- رسالة في الاتحاد بالتعاون مع ساطع الحصري وكامل مروة – عام 1951.

 

5- القضية الفلسطينية، طبع عام 1955، نقله موسى خوري الى الانجليزية – عام 1958، كما نقله اكبر هاشمي رفسنجاني الى الفارسية عام – 1965.

 

6- الحركة الوطنية الفلسطينية ما بين (1918-1939)، طبع عام ٥.

 

7- مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بواكير النضال، من مذكرات أكرم زعيتر، ما بين عام (1909-1939)، طبع عام 1939.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى