مقال

نسائم الايمان ومع أول الخلفاء الراشدين ” الجزء الرابع عشر “

نسائم الايمان ومع أول الخلفاء الراشدين ” الجزء الرابع عشر ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع عشر مع أول الخلفاء الراشدين، وقد توقفنا عند بلال بن رباح، وقد تعرض بلال بن رباح لعذاب عظيم، ولم يكن له ظهر يسنده، ولا عشيرة تحميه، ولا سيوف تذود عنه،فعندما علم سيده أمية بن خلف بأنه أسلم، راح يهدده تارة ويغريه تارة أخرى، فأبى بلال أن يترك الإسلام، فحنق عليه أمية بن خلف وقرر أن يعذبه عذابا شديدا، فأخرجه إلى شمس الظهيرة في الصحراء بعد أن منع عنه الطعام والشراب يوما وليلة، ثم ألقاه على ظهره فوق الرمال المحرقة الملتهبة، ثم أمر غلمانه فحملوا صخرة عظيمة وضعوها فوق صدر بلال وهو مقيد اليدين، ثم قال له، لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزى، وأجاب بلال رضى الله عنه بكل ثبات وإيمان بالله عز وجل، أحد أحد.

 

وبقي أمية بن خلف مدة وهو يعذب بلال بتلك الطريقة البشعة، وعندما علم أبو بكر الصديق رضى الله عنه، بذلك فقصد موقع التعذيب، وفاوض أمية بن خلف وقال له، ألا تتقي الله في هذا المسكين؟ حتى متى؟ فقال له أمية، أنت أفسدته فأنقذه مما ترى، فقال أبو بكر الصديق أفعل، عندي غلام أسود أجلد منه وأقوى على دينك، أعطيكه به، قال أمية قد قبلت، فقال هو لك، فأعطاه أبو بكر غلامه ذلك وأخذه فأعتقه، وفي رواية أخرى، اشتراه أبو بكر الصديق رضى الله عنه، بسبع أواق أو بأربعين أوقية ذهبا، وقد استمر الصحابى الجليل أبو بكر الصديق رضى الله عنه، بعد ذلك في شراء العبيد والإماء والمملوكين من المسلمين والمسلمات وعتقهم، ومنهم عامر بن فهيرة، وأم عبيس أو أم عميس، وزنيرة.

 

وقد أصيب بصرها حين أعتقها فقالت قريش ما أذهب بصرها إلا اللات والعزى، فقالت كذبوا، وبيت الله ما تضر اللات والعزى وما تنفعان، فرد الله بصرها، كما أعتق النهدية وبنتها، وابتاع جارية بني مؤمل وكانت مسلمة فأعتقها أيضا، ولما اشتد البلاء على المسلمين بعد بيعة العقبة الثانية، أذن الرسول صلى الله عليه وسلم، لأصحابه بالهجرة إلى المدينة المنورة، فجعلوا يخرجون ويخفون ذلك، فنزلوا على الأنصار في دورهم فآووهم ونصروهم، وأقام النبي صلى الله عليه وسلم، بمكة بعد أصحابه من المهاجرين ينتظر أن يُؤذن له في الهجرة، ولم يتخلف معه بمكة إلا من حُبس أو فتن، إلا علي بن أبي طالب وأبو بكر، وكان أبو بكر كثيرا ما يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم، في الهجرة.

 

فيقول النبي صلى الله عليه وسلم، له ” لا تعجل لعل الله يجعل لك صاحبا” فيطمع أبو بكر أن يكون هو صلى الله عليه وسلم، ولما رأت قريش أن النبي صلى الله عليه وسلم، قد صار له أصحاب من غيرهم بغير بلدهم، ورأوا خروج أصحابه من المهاجرين إليهم، عرفوا أنهم قد نزلوا دارا وأصابوا منهم منعة، فحذروا خروج النبي صلى الله عليه وسلم، إليهم، فاجتمعوا في دار الندوة يتشاورون فيما يصنعون في أمره، فاتفقوا أن يأخذوا من كل قبيلة فتى شابا ليعمدوا إليه فيضربوه ضربة رجل واحد فيقتلوه، فيتفرق دمه في القبائل جميعها، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم، علم بأمرهم وتمكن من الخروج من بيته سالما، وكانت هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، من مكة إلى المدينة في يوم الاثنين في شهر ربيع الأول سنة ثلاث عشرة.

 

من بعثته، صلى الله عليه وسلم، وكان أبو بكر الصديق رضى الله عنه، حين استأذن النبي صلى الله عليه وسلم، في الهجرة فقال له ” لا تعجل لعل الله أن يجعل لك صاحبا” فقد طمع بأن يكون النبي صلى الله عليه وسلم، إنما يعني نفسه، فابتاع راحلتين، فاحتبسهما في دار يعلفهما إعدادا لذلك، وقالت السيدة عائشة رضى الله عنها ” كان لا يخطئ رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يأتي بيت أبي بكر أحد طرفي النهار، إما بكرة وإما عشية، حتى إذا كان اليوم الذي أذن الله فيه لرسوله صلى الله عليه وسلم، في الهجرة والخروج من مكة من بين ظهري قومه، أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالهاجرة في ساعة كان لا يأتي فيها، فلما رآه أبو بكر قال ما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، في هذه الساعة إلا لأمر حدث.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى