مقال

نسائم الايمان ومع المدينة المنورة ” الجزء العاشر “

نسائم الايمان ومع المدينة المنورة ” الجزء العاشر ”

إعداد/ محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء العاشر مع المدينة المنورة، وقد توقفنا مع بنى النضير عندما أمهلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة أيام ليغادروا المدينة، فرفضوا وتحصنوا بحصن لهم، فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة عشر يوما، وقيل ست ليالى، ثم أجلاهم عن المدينة وحملوا النساء والصبيان وتحملوا على ستمائة بعير، فلحقوا بخيبر، وغنم من أموالهم ما تركوه وراءهم، ولما أجلي بنو النضير، وساروا إلى خيبر، خرج نفر من وجهائهم فحرّضوا قريشا وكنانة وغطفان ودعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاهدوهم على قتاله، فوافقوهم، وتجهزت قريش وكنانة فجمعوا أربعة ألاف شخص، ومعهم ثلاثة مائة فرس، وانضم إليهم أعدادا من بني سليم.

 

وبني أسد، وفزارة، وغطفان، وبني مرة، فكان جميعهم عشرة ألاف وقد سُمّوا بالأحزاب، وكان قائدهم أبو سفيان بن حرب، فكانت ما عُرف باسم غزوة الخندق أو غزوة الأحزاب، وكانت في شهر شوال فى السنة الخامسة من الهجرة وقيل في شهر ذي القعدة، فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عسكر بثلاثة آلاف من المسلمين إلى سفح جبل سلع، وكان شعارهم “حم، لا يُنصرون” وجعل النساء والأطفال في آطام أى فى حصون، ثم حفر الخندق على المدينة بمشورة الصحابى سلمان الفارسي، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل فيه بيده، فانتهوا منه بعد ستة أيام، ولما انتهوا من الخندق، أقبلت قريش ومن معهم من الأحزاب وحاصروا المدينة حصارا شديدا.

 

وفي أثناء ذلك وافق يهود بني قريظة على أن يسمحوا للأحزاب بدخول المدينة من الجهة التي يقطنوها بعد أن فاوضهم حيي بن الأخطب القادم مع الأحزاب، لكن ذلك لم يتم بسبب حيلة استخدمها الصحابي “نعيم بن مسعود الغطفاني” للإيقاع والتفريق ما بين بني قريظة والأحزاب، واشتد الحصار على المسلمين ودبّ فيهم الخوف والرعب، وأقام المسلمون والأحزاب أربعة وعشرون ليلة لم يكن بينهم حرب إلا الرمي بالنبل والحصار، حتى جاءت ريح شديدة لمعسكر الأحزاب، فارتحلوا على إثراها، وكان من نتيجة هذا الحصار أن قتل ثمانية من المسلمين، وأربعة من الأحزاب، ولما انصرف الأحزاب عن المدينة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه.

 

“لن تغزوكم قريش بعد عامكم هذا، ولكنكم تغزونهم” فلم تغزهم قريش بعد ذلك، وكان هو الذي يغزوها، وذلك حتى فتح مكة، وبعد انتهاء المعركة، رجعت بنو قريظة فتحصنوا بحصونهم، ووضع رسول الله صلى الله عليه وسلم السلاح فجاءه جبريل في صورة دحية الكلبي فقال “أوقد وضعت السلاح يا رسول الله؟ قال نعم، فقال جبريل فما وضعت الملائكة السلاح بعد وما رجعت الآن إلا من طلب القوم، إن الله عز وجل يأمرك يا محمد بالمسير إلى بني قريظة فإني عامد إليهم فمزلزل بهم، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بالرحيل إليهم فى السابع من شهر ذو القعدة فى السنة الخامسة من الهجرة، فكانت غزوة بني قريظة، فحاصرهم المسلمون.

 

وهم يومئذ ثلاثى ألاف خمسة وعشرون ليلة حتى أتعبهم الحصار، فأعلن بنو قريظة استسلامهم، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحكيم سعد بن معاذ فيهم فحكم بقتلهم وتفريق نسائهم وأبنائهم عبيدا بين المسلمين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لقد حكمت فيهم بحكم الله” فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتنفيذ الحكم وتم إعدام ما بين سبعمائة إلى تسعمائة شخص من اليهود، وبعد حوالي ثمانية سنوات من الهجرة، استطاع المسلمون العودة إلى مكة فاتحين، لكن على الرغم من الانتصار ودخول مكة في ظل الدولة الإسلامية، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخذ المدينة مقرا، فأصبحت عاصمة الدولة الإسلامية الفتيّة، وبقي رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة حتى توفي في شهر ربيع الأول فى السنة الحادية عشر من الهجرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى