مقال

نفحات إيمانية ومع الحياة ” الجزء الرابع “

نفحات إيمانية ومع الحياة ” الجزء الرابع ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع الحياة، وإن ما الذي تملكه حقيقة ؟ هو الذي أكلته والذي لبسته والذي أكلته سوف يفنى وسوف ترى مصيره، والذي لبسته سوف يبلى، ولم يبق لك مما هو لك في الأصل إلا ما تصدقت فأبقيت، وهى كلمة لك، فإن لك ما تصدقت، فلما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يوزع شاة وزع معظمها فقالت السيدة عائشة رضى الله عنها” يا رسول الله لم يبق إلا كتفها، أي ابقه لنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “يا عائشة لقد بقيت كلها إلا كتفها” وهذا على العكس فالرسول الكريم ينظر إلى الأجر يوم القيامة وليست الدنيا، وأعلم ما هو مالك ؟ فإن مالك هو الذي أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأبقيت فهو ثلاثة أثلاث، الثلثان ليسا لك.

 

ليس لهما رصيد في الآخرة، والثلث الذي يبقى في الآخرة هو الذي يبقى في سبيل الله، وما سوى هذه الأثلاث الثلاثة ليس مالك في الأصل إنما هو كسبك وأنت محاسب عليه، فغنظروا إلى وصية الرجل الذى أوشك على الرحيل وهو يقول يا أهلي، ويا ولدي لا تلعبن بكم الدنيا كما لعبت بي، جمعت المال مما حلّ أو حرم، فأنفقته في حله وفي غير حله، فالهناء لكم والتبعة علي، وأندم الناس رجل دخل ورثته بماله الجنة، ودخل هو بماله النار، والمال نفسه ورثه أبناؤه حلالا فأنفقوه في طاعة الله فاستحقوا الجنة، وكسبه حراما، ولم ينتفع به، وأعطاه لغيره، لأنه كسبه عن طريق حرام استحق به دخول النار، وإن أندم الناس عالم دخل الناس بعلمه الجنة، ودخل هو بعلمه النار.

 

وأندم الناس من دخل ورثته بماله الجنة، ودخل هو بماله النار، فيقول الله تعالى فى سورة الحديد “اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر وتكاثر فى الأموال والأولاد” وأن توقن أن مالك الحقيقي هو الذي أنفقته في سبيل الله، وأن الذي استمتعت به أكلت وشربت ولبست، ليس له رصيد في الآخرة ، وما سوى هذه الثلاثة ليس لك في الأصل، تحاسب عليه ولا تنتفع به، ويجب علينا بأن نؤمن أن الدنيا مزرعة الآخرة، وأن الحياة الدنيا من أجل العمل الصالح، وقد وجه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أصحابه الكرام كما ورد في البخاري عن عبد الله بن عمر أنه قال “كن في الدنيا كأنك غريب أو كعابر سبيل” وقال الله تعالى فى سورة الملك ” فامشوا في مناكبها”

 

ولا تغوصوا فيها وقال تعالى “وكلوا من رزقه وإليه النشور” وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر” رواه مسلم، فإن الدنيا للمؤمن كالعام الدراسي، لابد من دراستة، ولابد من قعود في البيت ولابد من عكوف على الكتاب، ولابد من ترك النزهات والسهرات من أجل أن ينال الشهادة العليا فينعم بها فالدنيا سجن المؤمن لأنها دار تكليف وجنة الكافر لأنها في نظره دار نعيم، وهي دار ابتلاء ليست دار إكرام، وإن من المرض أن تغدو الدنيا لعبا ولهوا وزينة وتكاثراً وتفاخرا، من أجل ألا نقع في هذه الأمراض العضالة، فعن سهل بن سعد الساعدي أنه سأل النبي عليه الصلاة والسلام قال.

 

“يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس معا؟ فقال عليه الصلاة والسلام ” ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما عند الناس يحبك الناس” رواه ابن ماجه، وليس معنى الزهد في الدنيا أن تكون يدك هي السفلى، لا والله ، ولا أن تكون عالة على غيرك، ولا أن تكون مهملا لعملك، ولا أن تكون دنياك قميئة، ليس هذا هو الزهد في الدنيا، ولكن الزهد في الدنيا أن تنقلها من قلبك إلى يديك، والزهد في الدنيا أن تسخرها لا أن تسخرك، والزهد في الدنيا أن تضحك عليها، لا أن تضحك عليك، والزهد في الدنيا أن توظفها في الحق، لا أن توظفك في الباطل، والزهد في الدنيا أن تأخذ منها كي تستعين على الدار الآخرة، والزهد في الدنيا جاء في قوله تعالى كما جاء فى سورة القصص “وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى