مقال

نفحات إيمانية ومع مكانة المسجد فى غرس العقيدة “الجزء الرابع “

نفحات إيمانية ومع مكانة المسجد فى غرس العقيدة “الجزء الرابع ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع مكانة المسجد فى غرس العقيدة، وقد اختار الرسول صلى الله عليه وسلم المسجد ليكون مركزا للثقافة الدينية والتعاليم القرآنية، ومدرسة للأحاديث النبوية والتفقه في الدين بتبليغ الوحي وتوضيحه في خطب الجمعة ومجالس العلم، فكان المسجد بمثابة دار تعليم لذكر الله وتذكير الناس به، والدعوة لاتباع دينه وشريعته، ومن الجدير بالذكر أن الصحابة الكرام رضي الله عنهم ظلوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم يتدارسون القرآن والسنة في المسجد، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال لأهل السوق “أنتم هنا وميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم في المسجد” ولقد جعل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم المسجد دارا للشورى.

 

فينادى الصلاة جامعة فيجتمع المسلمون في المسجد ويتشاورن في أمورهم مثل إعداد العدة للدفاع عن المدينة، أو مبايعة الخليفة البيعة العامة، ثم يقوم الخليفة فيصعد المنبر فيخطب خطبة يشرح فيها المنهج الذي يسير عليه مدة خلافته على المسلمين، كما فعل أبو بكر رضي الله عنه، فإن المسجد يعطي المجتمع صفة الرسوخ والتماسك بالتزام نظام الإسلام وعقيدته وآدابه ، وإنما ينبع ذلك كله من روح المسجد ووحيه، فيقول تعالى ” والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين” وإن من نظام الإسلام وآدابه شيوع آصرة الأخوة والمحبة بين المسلمين، ولكن شيوع هذه الآصرة لا يتم إلا في المسجد، فمن مظاهر ذلك أن يتلاقى المسلمون يوميا.

 

على مرات متعددة في بيت من بيوت الله تعالى وقد تساقطت بينهم الفوارق، وإن من نظام الإسلام وآدابه أن تشيع روح المساواة والعدل فيما بين المسلمين ولكن شيوع هذه الروح لا يمكن أن يتم ما لم يتلاق المسلمون كل يوم صفا واحدا بين يدي ربهم ، وقد تعلقت قلوبهم به، فالمسجد باجتماع المسلمين فيه يقضي على مرض التعالي والأثرة والأنانيةن وإن من منهج الإسلام أن يجعل الأمة على اختلاف ألوانها ولهجاتها أمة واحدة ولا يتم هذا إلا إذا كانت هناك مساجد يجتمع فيها المسلمون على تعلم حكم الله وشريعته ليمسكوا بها عن معرفة وعلم يدفع عنهم شتات الأهواء وفرقة المصالح، فيقول تعالى ” واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا” ويقول تعالى ” إنما المؤمنون أخوه”

 

ومن أجل ذلك ومن أجل تحقيق هذه المعاني في المجتمع المسلم ودولته أسرع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل كل شيء فبادر إلى بناء المسجد، فإن أهم وظيفة للمسجد هي الحفاظ على إيمان المسلمين، وهذا هو الأساس الرئيسي الذي اجتهد النبي صلى الله عليه وسلم أن يغرسه في نفوس أصحابه في مكة، وفي نفوس الأنصار في بيعتي العقبة، إنه الإيمان بالله، ولقد اعتبر النبي صلى الله عليه وسلم المساجد أمارات تدل على إسلام أهل البلد، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُغير إذا طلع الفجر، وكان يستمع الأذان فإن سمع أذانا أمسك وإلا أغار” رواه البخارى ومسلم، وهذا دليل على ما للمساجد من أثر بالغ في الإسلام.

 

حيث يعتبر وجودها وعمارتها بالأذان والصلاة صورة حية للمجتمع الإسلامي، كما يعني فقدها أو فقد عمارتها بعبادة الله تعالى ابتعاد المجتمع عن الإسلام، وتلاشي مظاهره من واقع المجتمع، وفي هذا المعنى يرشد النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه إلى وجوب الإمساك عن القتال إذا رأوا مسجدا أو سمعوا مؤذنا، فأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث جيشا أو سرية يقول لهم “إذا رأيتم مسجدا أو سمعتم مؤذنا فلا تقتلوا أحدا”رواه الترمذي، والمسجد كما يظهر من اسمه أي مكان السجود لرب العالمين، والرضوخ الكامل له والطاعة المطلقة لكل أوامره، فهذا المكان يحفظ على المسلمين دينهم لأجل هذا كانت حياة المسلمين تدور في مجملها حول محور المسجد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى