مقال

نفحات إيمانية ومع مكانة المسجد فى غرس العقيدة “الجزء الأول “

نفحات إيمانية ومع مكانة المسجد فى غرس العقيدة “الجزء الأول ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

إن مكانة المسجد في المجتمع المسلم تجعله مصدر التوجيه الروحي والمادي، فهو ساحة للعبادة ومدرسة للعلم وندوة للأدب وقد ارتبطت بفريضة الصلاة وصفوفها أخلاق وتقاليد هي لباب الإسلام، والمسجد الذي وجه الرسول صلى الله عليه وسلم همته إلى بنائه قبل أي عمل آخر بالمدينة، ليس أرضا تحتكر العبادة فوقها، فالأرض كلها مسجد والمسلم لا يتقيد في عبادته بمكان إنما هو رمز لما يكترث له أعظم اكتراث، ويتشبث به أشد تشبث وهو وصل العباد بربهم وصلا يتجدد مع الزمن ويتكرر مع أناء الليل والنهار، فلا قيمة للمسلم إذا لم يكن دائم الاتصال بالله عز وجل يتذكر دائما لقاءه، ويتمسك بالمعروف ويبغض المنكر، فلا قيمة لإنسان يخلط المعروف بالمنكر.

 

فالصلاة في المسجد يتجدد معها الاتصال بالله تعالى، ويقوى الانتماء لدين الله عز وجل، فالمسجد مؤسسة إسلامية لعبت دورا بارزا عبر التاريخ لدرجة أصبح المسجد معها يعد النبع لكل روافد الحياة التي تجري في شرايين المجتمع الإسلامي، ولعلنا نتساءل عن سر نجاح المسجد في أداء رسالته ومهمته في الصدر الأول، فنجد أن سر نجاحه يرجع أساسا إلى فهم المسلمين المستقيم لحقيقة وطبيعة الحياة الدنيا ولرسالة الإنسان فيها، فلم يحدث انفصام في شخصية المؤمن بين الدين والدنيا أو بين الروح والجسد أو بين المسجد والمجتمع، بل لقد عاش المسلمون الأول في سياج الإسلام بالمعنى الشامل فعلت بهم راية الإيمان ورفعوا منارة التوحيد ونشروا لواء العدل وجعلوا كلمة الله هي العليا.

 

ومن أجل ذلك شرع الأذان الله أكبر الله أكبر النغمة العلوية التي تدوي في الآفاق كل يوم خمس مرات والتي ترتج لها أنحاء الوجود، وكان المسجد أول مؤسسة أنشأها النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة لتكون رسالة إلى عموم المسلمين حول محورية وظيفته في حياتهم، فبرجوعنا إلى سيرة النبي صلى الله عليه و سلم، وكانت أولى خطواته في قباء هي بناء المسجد، وأول عمل قام به صلى الله عليه وسلم في المدينة كان بناء المسجد، وهذا الأمر لم يكن على سبيل المصادفة، ولم يكن مجرد إشارة عابرة، وإنما هذا منهج أصيل لا قيام لأمة إسلامية بغير المسجد، أو قل لا قيام لأمة إسلامية بغير تفعيل وظيفة المسجد لأن المساجد الآن كثيرة، لكن الكثير منها غير مفعل.

 

ولا يقوم بالوظائف المنوطة به، وقد كانت للمسجد زمن النبي صلى الله عليه وسلم وظائف في غاية الأهمية، ولم يقتصر في وظيفته على الأبعاد الروحية والتعبدية، بل شمل أبعادا أخرى تربوية توجيهية، واجتماعية وثقافية وصحية وإعلامية وسياسية وعسكرية، ومركزا لإدارة كل شئون الناس وتسيير مصالحهم الدنيوية وحل مشكلاتهم اليومية، وغير ذلك من المهام التي غابت اليوم في مساجدنا بعد أن صارت أماكن للصلاة فقط دون امتداد وظيفتها إلى الإطار المجتمعي العام، فالمسجد مؤسسة إسلامية شاملة شمول اﻹسلام، ولقد كانت هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، تعنى إنشاء أول دار إسلام إذ ذاك على وجه الأرض.

 

وعندما وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قباء واستقبله من فيها أسس النبي صلى الله عليه وسلم مسجد قباء وهو المسجد الذي وصفه رب العباد بقوله تعالى فى سورة التوبة “لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه، فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المتطهرين” ثم واصل النبي صلى الله عليه وسلم سيره إلى المدينة فأقام فيها المسجد الجامع ذلك لأنه أهم ركيزة في بناء المجتمع الإسلامي ، الذي يكتسب صفة الرسوخ والتماسك بالتزام نظام الإسلام وعقيدته وآدابه ، ولا ينبع هذا كله إلا من روح المسجد و وحيه ، ولقد حث النبى عليه الصلاة والسلام على بناء المساجد وإقامة الصلاة فيها ، فقال صلى الله عليه وسلم “من بني مسجدا يبتغي به وجه الله بني الله له مثله في الجنة” رواه البخاري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى