مقال

نفحات إيمانية ومع مكانة المسجد فى غرس العقيدة “الجزء الثالث “

نفحات إيمانية ومع مكانة المسجد فى غرس العقيدة “الجزء الثالث ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع مكانة المسجد فى غرس العقيدة، وعن المنذر بن جرير عن أبيه قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر النهار قال فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار أو العباء متقلدي السيوف عامتهم من مضر بل كلهم من مضر فتمعر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى بهم من الفاقة فدخل ثم خرج فأمر بلال فأذن وأقام فصلى ثم خطب فقال “يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة” إلى آخر الآية “إن الله كان عليكم رقيبا” وقال صلى الله عليه وسلم ” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون” فقال “تصدق رجل من ديناره من درهمه من ثوبه من صاع بره من صاع تمره حتى قال ولو بشق تمرة”

 

قال فجاء رجل من الأنصار بصرَّة كادت كفه تعجز عنها بل قد عجزت قال “ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام ورأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل كأنه مذهبة” رواه مسلم، ومن هنا وجب علينا أن نعيد للمسجد دوره الاجتماعي خاصة في هذا الزمن الصعب الذي ضاقت فيه أمور الناس المعيشية وضعفت أحوالهم الاقتصادية وأما في الجانب السياسي والعسكري فقد كان للمسجد دور لا يتصور في خدمة المجتمع وإصلاح أموره في هذه الجوانب، فقد كان المسجد المعسكر الذي تعقد فيه الألوية ومنه تسير الجيوش لحماية المسلمين, وكان الجرحى فيه يعالجون والأسرى بسواريه يربطون والوفود والسفراء فيه يستقبلون.

 

وكان الأحباش يتدربون ويتبارزون ويتصارعون في المسجد والرسول صلى الله عليه وسلم يشهد ذلك، ويراه أيضا أزواجه رضي الله عنهن من خلفه، فيقول المهلب رحمه الله “المسجد موضوع لأمر جماعة المسلمين فما كان من الأعمال يجمع منفعة الدين وأهله جاز فيه” كما كان للمسجد أعظم الدور في إلهاب حماس المسلمين وتشجيعهم على الذود عن الحرمات والدفاع عن المقدسات وشحذ النفوس للجهاد والقتال في سبيل الله فصلاح الدين الأيوبي رحمه الله، خرج لملاقاة عدوه من النصارى بعد صلاة الجمعة لسبع عشرة خلون من ربيع الآخر سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة للهجرة وخرج معه المسلمون من المساجد إلى الجهاد وهم يكبرون ويتضرعون فنصرهم الله.

 

وللمسجد في خدمة الأمة وإصلاح المجتمع أدوار أخرى كثيرة، فيجب علينا جميعا أن نحيي رسالة المسجد ونقوم بدورنا في بعثه وإحيائه في كل المجالات، كل على حسب مجاله وتخصصه ولا يظن ظان أن الإمام أو الخطيب أو لجنة المسجد أو وزارة الأوقاف هم وحدهم المسئولون عليه، فكلنا مسئولون وكل واحد منا يجب عليه أن يشارك ويساهم في ترقية المساجد وتطويرها حسيا ومعنويا فالتاجر بماله ودعمه والأمي بحثه ودعائه ويده وطالب العلم بعلمه ودروسه وحضوره والحافظ لكتاب الله بتعليمه وتحفيظه لغيره والمدير والمربي بتوجيهاته وإرشاداته والطبيب بخبراته واستشاراته والمدرس في مجاله ويقول النبي صلى الله عليه وسلم.

 

“إن للمساجد أوتادا لهم جلساء من الملائكة فإن غابوا سألوا عنهم وإن كانوا مرضى عادوهم وإن كانوا في حاجة أعانوهم” رواه أحمد، فلم يكن المسجد موضعا لأداء الصلوات فحسب، بل كان جامعة يتلقى فيها المسلمون تعاليم الإسلام وتوجيهاته ومنتدى تلتقي وتتآلف فيه العناصر المختلفة، فالقرآن يتلى، وتخرج منه كبار الصحابة وأئمة الهدى وكان للرسول صلى الله عليه وسلم حلقة في المسجد يتنافس عليها المسلمون، فيقبل على مجلسه الرجال والنساء حتى شكت النساء من مزاحمة الرجال فطلبن منه صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهن يوما غير يوم الرجال، فأجابهن إلى طلبهن، فعن أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه أن امرأة جاءت رسول الله فقالت “يا رسول الله ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا من نفسك يوما فنأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله فوعدهن يوما فاجتمعن فأتاهن رسول الله صلى الله عليه وسلم ” رواه البخارى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى