مقال

نفحات إيمانية ومع أسواق الدنيا الفانية “الجزء الثالث “

نفحات إيمانية ومع أسواق الدنيا الفانية “الجزء الثالث ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع أسواق الدنيا الفانية، وأما عن سوق المدينة أو المناخة، هو أحد الأماكن ذات العبق التاريخي المرتبطة بالعهد النبوي، حيث يقع غربي المسجد النبوي ويبدأ شمال مسجد الغمامة المصلى ويمتد إلى القرب من ثنيات الوداع شمال المدينة المنورة قديما، أي يحدّ سوق المدينة من الجنوب مسجد الغمامة المصلى ويمتد حتى شرق جبل سُليع باب الكومة وقد اشتهرت المناخة كذلك بأن جزءا منها وهو الجزء الشمالي الأقرب إلى ثنية الوداع كان مركزا لمسابقة الخيول، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يحضر أحيانا، وقد بني في موقع السباق مسجد يسمى مسجد السبق وقد أزيل حديثا، فعن عبدالله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل التي قد أضمرت من الحفياء في الشمال الغربي لجبل أحد.

 

وكان أمدها نهاية السباق ثنية الوداع، وسابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق أي مسجد السبق وأن عبدالله بن عمر كان ممن سابق بها، وقد اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم سوق المناخة للمسلمين ما بين مسجد السبق الذي سمي لاحقا بمسجد السبق ومسجد الغمامة، وذلك بعد هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ليخلصهم من سيطرة اليهود على الاقتصاد في المدينة المنورة، وبقي هذا السوق صامدا كموقع حتى وقت قريب ويعرف أهل المدينة حدود ذلك السوق حتى وقت قريب، حيث تبتدئ حدودها الأصلية لهذا السوق من مسجد المصلى وهو الغمامة إلى قلعة الباب الشامي والقلعة كانت على جبل سليع باب الكومة وقد أزيلت، وأصول هذه الحدود قديمة فقد روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

ضرب قبة في موضع بقيع الزبير فقال “هذا سوقكم” فأقبل كعب بن الأشرف فدخلها وقطع أطنابها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا جرم لأنقلنها إلى موضع هو أغيظ له من هذا” فنقلها إلى موضع سوق المدينة ثم قال “هذا سوقكم لاتتحجروا ولا يضرب عليه الخراج” وفي رواية أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني قد رأيت موضعا للسوق أفلا تنظر إليه؟ فجاء به إلى موضع سوق المدينة، قال فضرب النبي صلى الله عليه وسلم برجله، وقال “هذا سوقكم فلا ينقص منه ولا يضربن عليه خراج” ولم تذكر المصادر حدودا معينة للسوق أو مساحة محددة بالضبط، كما أنه لا توجد مبانى بهذا السوق وإنما هو فضاء يحضر التجار إليها صباحا، ومن سبق إلى موقع وضع بضاعته فيه ويتاجر إلى نهاية اليوم.

 

حيث يحمل متاعه ليعود في اليوم الثاني، كما لا توجد له أبعاد من حيث الطول أو العرض في أول إنشائه غير أنه محدود عند إنشائه بمواقع فقد ورد عن عبدالله بن محمد قال “كان الراكب ينزل سوق المدينة فيضع رحله، ثم يطوف بالسوق ورحله بعينه يبصره لا يغيبه عنه شيء” ويظهر من هذا بأن مساحة السوق متوسطة بحيث يرى الزائر ركبه، ثم انطلق هذا السوق مع دور السكن في العصر الأموي في عهد هشام بن عبدالملك، وظهرت الشوارع التجارية لتسهيل حركة الأفراد وحركة البضائع، كما نظمت فيه الدكاكين ليكون سوقا ثابتا وقد سميت سوق المناخة بأسماء متعددة منها سوق المدينة، وبقيع الخيل، وسوق المصلى، وسوق البقيع، وسوق البطحاء، وسوق الزوراء وكانت هناك أسواق متعددة بالمدينة المنورة وهى يثرب.

 

قبل سوق المدينة أو متزامنة معه أو بعده، منها سوق بني قينقاع، وسوق بالصفاصف، وسوق زبالة، وسوق مزاحم، وسوق النبيط أو النبط، ثم أصبحت هناك أسواق بمسميات مختلفة حسب نوع ما يباع مثل سوق الخيل، وسوق الإبل، وسوق التمر وهكذا وإنه مكان سوق المدينة ليس أي مكان إنما هو مكان اختاره النبى صلى الله عليه وسلم وخطه سوقا للمسلمين، وقد بذل رسول الله صلى الله عليه وسلم جهودا كبيرة في سبيل إرساء دعائم دولة المدينة ، إذ أن أهتمامه بالدعوة ونشر الاسلام لم يصرفه عن ترسيخ أركان الحياة الأقتصادية والأجتماعية في المدينة المنورة ، ومن تلك الأركان هو أنشاء سوق المدينة، فقد كانت التجارة المدنية قبل الهجرة على الأغلب حكرا على اليهود وبالأخص يهود بني قينقاع، إذ كان لهم سوق يعرف بأسمهم، سوق بني قينقاع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى