مقال

نفحات إيمانية ومع التخطيط والهجرة النبوية ” الجزء السابع عشر “

نفحات إيمانية ومع التخطيط والهجرة النبوية ” الجزء السابع عشر ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السابع عشر مع التخطيط والهجرة النبوية، ولقد موّه رسول صلى الله عليه وسلم خروجه من البيت، ثم غادر هو وأبو بكر من بيت الصحابى الجليل أبو بكر رضي الله عنه من باب خلفي، وسلك طريقا غير طريق المدينة المعتاد، وهو الطريق الواقع جنوب مكة والمتجه نحو اليمن، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسير على أطراف قدميه كي يخفي الآثار، وظل في الغار مدة ثلاثة أيام حسب التخطيط، وهنا تبدو عظمة التخطيط أكثر حين نعلم أن غار ثور في جنوب مكة، وليس على طريق المدينة حيث احتمالات الرصد، ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أن قريشا ستجد في الطلب، وإن الطريق الذي ستتجه إليه الأنظار لأول وهلة هو طريق المدينة الرئيسي.

 

المتجه شمالا، فقد سلك الطريق المعاكس تماما وهو الواقع جنوب مكة والمتجه نحو اليمن، سلك هذا الطريق نحو خمسة أمثال حتي بلغ إلى جبل يعرف بجبل ثور وهو جبل شامخ وعر الطريق صعب المرتقي ذو أحجار كثيرة فخفيت قدما رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقام النبي صلي عليه وسلم ثلاثة أيام لأن الخروج إلى أي مكان في الأيام الأولي يجعلهما عرضة للوقوع في قبضة العدو كما أن المدة الزمنية كانت مرتبطة ارتباطا وثيقا في المعلومات المقدمة من عبدالله ابن أبو بكر عن خفة الطلب عليهما كما أن الاستقرار أكثر قد يلفت النظر من الآخرين حين يتكرر المرور عليهما من أسماء وعبدالله كل يوم، ولكن كان هناك التأييد الرباني في الهجرة النبوية.

 

وبالرغم من كل الأسباب التي اتخذها رسول الله صلي الله عليه وسلم، فإنه لم يرتكن إليها مطلقا ن وإنما كان كامل الثقة في الله تعالي، عظيم الرجاء في نصره وتأييده، دائم الدعاء بالصيغة التي علمه الله إياها حيث قال تعالى فى سورة الإسراء “وقل رب ادخلنى مدخل صدق وأخرجنى مخرج صدق واجعل لى من لدنك سلطانا نصيرا” ويظهر التأييد الإلهي في أكثر من موقف في الهجرة، وأيضا إخبار جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم بمكيدة قريش لقتله، وأمره ألا ينام في مضجعه تلك الليلة، قائلا له ” لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه “وقد قال الله تعالى فى سورة الأنفال “وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين”

 

وقد فسرها عبد الله بن عباس رضى الله عنهما قال تشاورت قريش ليلة بمكة، فقال بعضهم إذا أصبح فأثبتوه بالوثاق يريدون النبي صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم بل اقتلوه، وقال بعضهم بل أخرجوه، فأطلع الله عز وجل نبيه على ذلك فبات الإمام رضى الله عنه على على فراش النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة وخرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى لحق بالغار وبات المشركون يحرسون عليا يحسبونه النبي صلى الله عليه وسلم فلما أصبحوا ثاروا إليه فلما رأوا عليا رد الله مكرهم فقالوا أين صاحبك هذا، قال لا أدري، وإن من تأييد الله عز وجل له هو خروجه صلى الله عليه وسلم من بين أيديهم ويضع على رؤوسهم التراب، فألقى الله عليهم النعاس.

 

فسقطت من أيديهم السيوف وما قاموا إلا عندما طلعت الشمس كل يحتحت التراب من على رأسه، وهو يتلوا قول الله تعالى من سورة يس “وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون” وكذلك من التأييد هو حماية الله تعالى وحفظه لنبيه صلى الله عليه وسلم في الغار، عندما خرجوا مغضبين لما رأوا عليا في فراشه صلى الله عليه وسلم فاقتصوا أثره، فلما بلغوا الجبل خُلط عليهم فصعدوا في الجبل فمروا بالغار فرأوا على بابه نسج العنكبوت، فقيل أنهم قالوا لو دخل ههنا لم يكن نسج العنكبوت على بابه فمكث فيه ثلاث ليال” وقد أحاط المشركون بالغار، وأصبح منهم رأي العين طمأن الرسول صلى الله عليه وسلم الصديق رضي الله عنه بمعية الله تعالى لهما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى