مقال

نفحات إيمانية ومع قيمة إحترام الكبير “الجزء الثانى”

نفحات إيمانية ومع قيمة إحترام الكبير “الجزء الثانى”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع قيمة إحترام الكبير، ولذلك فإن من عظمة الإسلام أنه كما اهتم بالإنسان صغيرا ووجه الأسرة والمجتمع إلى رعايته والاهتمام به، ووجه الأسرة والمجتمع إلى رعايته والاهتمام به، فإنه كذلك أمر بحسن رعاية واحترام الكبير في الإسلام مهما كان, أبا أو أما، قريبا أم بعيدا، جارا أم صديقا، أخا أم عما أم خالا, معروفا أم غريبا، وقال صلى الله عليه وسلم “ليس منا من لم يوقر كبيرنا، ويرحم صغيرنا” رواه أحمد، ولقد جعل الإسلام احترام الكبير نوعا من أنواع إجلال الله وتعظيمه، فقال عليه الصلاة والسلام “إن مِن إجلال الله إكرام ذي الشيبة من المسلمين، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وذي السلطانِ المقسط”

 

وكان صلى الله عليه وسلم إذا تحدث إليه اثنان بدأ بالأكبر سنا، ويقول “كبّر كبّر” رواه البخاري، ويبدأ الأكبر قبل أن يبدأَ الأصغر، هكذا أمر الإسلام، وفي الصلاة وجّه النبى صلى الله عليه وسلم بأن يتقدم بعد الإمام البالغون وكبار السن، فعن أبي مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال “ليلينى منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم” رواه مسلم، كل ذلك تقديرا وإكراما لهم، فإذا أقيمت الصلاة في المسجد وقام الناس لتسوية الصفوف فإن كبار السن أحق بالصفوف الأولى، أما إذا جاء أحدهم متأخرا فلا يجوز له أن يسحب أحدا من الصلاة ولو كان صغيرا حتى لا يشغله عن صلاته، ومراعاة لشعوره وحقه في السبق.

 

بل من رعاية الإسلام للكبار أنه رخص لهم في كثير من العبادات والطاعات في القيام والصيام والحج والجهاد رحمةً ورأفة بهم، فقد أمضوا سنوات عمرهم في هذه الطاعات، فلما كبر سنهم ورق عظمهم وخارت قواهم راعى الإسلام هذه الحال، ووجه إلى التخفيف والتيسير، وتكليف العبد بعد الفرائض ما يطيق من العبادات، فهذا رجل كبير السن فعن عبد الله بن بسر يأتي للنبي صلى الله عليه وسلم فيقول يا رسول الله، إن شرائع الإسلام قد كثرت عليّ، فأخبرني بشيء أتشبث به، وفي رواية ولا تكثر، فقال عليه الصلاة والسلام “لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله تعالى” رواه الترمذي، بل جعل الإسلام للشيب الذي يظهر على رأس المسلم ولحيته قيمة عظيمة.

 

وأجرا كبيرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام إلا كتب الله له بها حسنة، وحط عنه بها خطيئة” فإذا كانت توجيهات هذا الدين نحو الكبار واحترامهم بهذا السمو، فأين هذه القيمة العظيمة في حياتنا؟ وأين حقوقهم في مجتمعاتنا وفي سلوكنا وتعاملاتنا؟ فكم من أبوين كبيرين عقهما وهجرهما وأساء معاملتهما أبناؤهما، وكم من شيخ أو إنسان كبير تطاول عليه الصغار والشباب وسخروا من كلامه ورأيه، وتقدموا عليهم في المجالس والطعام والشراب، وكم نرى شبابا تستطيل ألسنتهم على الكبار، وكم نرى شبابا لا يعرِف للكبير أي قدر ولا أي مكانة، قد يلمزه بجهله، وقد يلمزه بضعف رأيه، وقد يلمزه بقلة علمه.

 

وقد يلمزه بعدم نظافة ملبسه، فكل هذه الأمور وغيرها لا يجب أن تحملك على إهانة الكبير، بل قدر الكبير وعظمه، وأظهر لأولادك عندما يزورون معك رحما أنك تقدم الأكبر فالأكبر، فهذا من إجلالك لله، ولن يخيب الله رجاءك يوم أن تأتيك هذه المرحلة من عمرك فتحتاج إلى من يساعدك ويعاملك المعاملة الحسنة، واعلم أن الجزاء من جنس العمل، وكما تدين تدان، ولم تقتصر قيمة احترام الكبير ورعايته على المسلم، بل شملت غير المسلم طالما أنه يعيش بين المسلمين، فها هي كتب التاريخ تسطر بأحرف ساطعة موقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع ذلك الشيخ اليهودي الكبير، فقيل أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه؟؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى