مقال

نفحات إيمانية ومع آفات المعاملات ” الجزء الثانى “

نفحات إيمانية ومع آفات المعاملات ” الجزء الثانى ”

إعداد / محمــــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع آفات المعاملات، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول “من تحسى سما فقتل نفسه، فسمه في يده يتحساه في نار جهنم، خالدا مخلدا فيها أبدا” متفق عليه، ويقول صلى الله عليه وسلم “أنهى عن كل مسكر” فالقطران الذى يستقبله جسم المدخن من السيجارة المحترقة، هو عذاب أعده الله تعالى للمجرمين يوم القيامة، فقال تعالى فى سورة إبراهيم ” سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار” ومعنى سرابيلهم أى قمصانهم وملابسهم، وإن من الأخلاق الفاسدة، التي يتحصل منها مال حرام، أيضا ويكون وبالا على صاحبه في الدنيا، ومطية للهلاك في الأخرى، وهى القمار، والرشوة، والسرقة، وشهادة الزور، وشرب الخمور.

 

وتأكل الأقلام المرتابة بسب الصحابة، والمخدرات، وأيضا من أعظم آفات الكسب غير المشروع، وهى اكتسحت كثيرا من محلاتنا، وشركاتنا، وأفسدت العلاقة بين البائع والمشتري، وزرعت بينهما عقدة الشك والارتياب، إنها آفة الغش في التجارة، والتحايل على المشترين، بتزيين الفاسد، والتكتم على العيوب، وتزوير جودة المبيعات، مما انتشر في العالم كله، وإن التجارة مصدر مهم من مصادر الرزق، يعالجها جل الناس الذين هم بين بائع أو مشتر، فوجب أن تضبط بأخلاق الشرع، وتحاط بعناية التراضي والصدق والورع، فيقول الله تعالى” يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم”

 

ويقول النبى الكريم صلى الله عليه وسلم “رحم الله رجلا سمحا إذا باع “أى بمعنى سهلا لينا” وإذا اشترى، وإذا اقتضى ” أى بمعنى طلب الذي له على غيره” رواه البخارى، فإن معظم تجارتنا اليوم قد غزاها الغش من كل مكان، وأحاط بها المكر من كل جهة، واكتسحها الخداع والتزوير والتحايل إلا من رحم الله، حتى صار المشترى يفترض السوء فى البائع، وأنه يجب أن يكون على قدر كبير من الفطنة واليقظة، حتى لا يقع في شباك الغش التجارى، الذى جعله ابن حجر في كتابه “الزواجر عن اقتراف الكبائر” كبيرة من الكبائر، لأنه يدل على ضعف في الشيء واستعجال فيه” كما قال ابن فارس، ولأنه “نقيض النصح، وهو مأخوذ من الغشش، وهو المشرب الكدر”

 

وكما قال ابن منظور، وعن ابن عمر رضى الله عنه قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعام وقد حسّنه صاحبه، فأدخل يده فيه، فإذا طعام رديء، فقال “بع هذا على حدة، وهذا على حدة، فمن غشنا فليس منا” رواه أحمد، وها نحن نرى اليوم بعض بائعي الخضر، أو الفواكه، أو الحبوب، يزينون ظاهر أكياس السلعة، ويجعلون الرديء في الأسفل، ويقول أنس بن مالك رضي الله عنه خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السوق، فرأى طعاما مصبرا أى عبارة عن كومة، فأدخل يده، فأخرج طعاما رطبا قد أصابته السماء، فقال لصاحبها “ما حملك على هذا؟” قال “والذي بعثك بالحق، إنه لطعام واحد” قال “أفلا عزلت الرطب على حدته، واليابس على حدته، فيبتاعون ما يعرفون، من غشنا فليس منا” رواه الطبرانى.

 

فكم من الناس يخلطون الجيد بالرديء، ويقنعون المشترى بأن الكل جيد، فيحصلون أموالا اختلط فيها الحلال بالحرام، ولا يبالون، وقد يعرف حالهم بعض الناس، فلا ينصحون لهم، ولا يحذرون منهم، فعن أبي سباع رضي الله عنه قال اشتريت ناقة من دار واثلة بن الأسقع، فلما خرجت بها أدركنى يجر إزاره فقال اشتريت؟ قلت “نعم” قال أبين لك ما فيها؟ قلت وما فيها؟ قال إنها لسمينة ظاهرة الصحة، أردت بها سفرا أو أردت بها لحما؟ قلت أردت بها الحج، قال فارتجعها، فقال صاحبها ما أردت إلى هذا أصلحك الله، تفسد عليّ؟ قال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “لا يحل لأحد يبيع شيئا إلا بين ما فيه، ولا يحل لمن علم ذلك إلا بينه” رواه الحاكم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى