مقال

نفحات إيمانية ومع إعمال العقل فى فهم النص “جزء1”

نفحات إيمانية ومع إعمال العقل فى فهم النص “جزء1”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

إن العقل من عظيم نعم الخالق على المكلف من عباده المخلوقين إذ بالعقل يتميز الإنسان عن غيره من الكائنات المحيطة به، وتقول الحكمة العقل السليم في الجسم السليم، وهذا فيما يختص بسلامة الدنيا من أمور العمل والكسب والتعمير، التي قد يتساوى فيها المسلم وغيره، وإن العقل هو الذي يفهم الدين، وهو الذي يتميز به المسلم عن غيره، بل قد يتميز به المسلمون بعضهم على بعض، فمنهم قريب وأقرب، وبعيد وأبعد، فإن الله تعالى اختص العالمين الإنس والجن على غيرهم بالعقل والاختيار، والعلم والإدراك، والتعلم والتعليم، والذوق والتذوق، ويعد الذوق والتذوق من أعظم الميزات التي تميز هذين العالمين عن غيرهما.

 

فمن فسد عنده الذوق والتذوق، نزل إلى أحط المنازل، غير أنه يمشي على رجلين، وله رأس تحمل عينين، وأنفا وأذنين، تماما مثل الآدميين، حيث قال الله تعالى فى سورة الأعراف ” أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون” فإذا فقد الإنسان العقل السليم الذي يقوده إلى الخير، ويبعده عن الشر، فقد أصبح كالبهيمة التي تأكل وتشرب ولا تعقل شيئا بل إنها خير منه، وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “إن الله كريم يحب الكرم، ويحب معالي الأخلاق، ويكره سفسافها” أي دنيئها وخسيسها، رواه الحاكم، وقال ابن حبان وإن محبة المرء المكارم من الأخلاق وكراهته سفسافها، هو نفس العقل.

 

فالعقل به يكون الحظ، ويؤنس الغربة، وينفي الفاقة، ولا مال أفضل منه، ولا يتم دين أحد حتى يتم عقله، وهو من أفضل مواهب الله لعباده، وهو دواء القلوب، ومطية المجتهدين، وبذر حراثة الآخرة، وتاج المؤمن في الدنيا، وعُدته في وقوع النوائب، ومن عدم العقل لم يزده السلطان عزا، ولا المال يرفعه قدرا، ولا عقل لمن أغفله عن أخراه ما يجد من لذة دنياه، فإن العقل اسم يقع على المعرفة بسلوك الصواب، والعلم باجتناب الخطأ، فإذا كان المرء في أول درجاته يسمى أديبا، ثم أريبا، ثم لبيبا، ثم عاقلا، أي تناهى عقله، وكمل فهمه وحلمه، ويقال إنه لا يتغير غالبا عما يكون عليه وهو ابن الأربعين، وإن حد العقل ينطوي فيه فعل الطاعات والفضائل.

 

واجتناب المعاصي والرذائل، وقد نص الله عز وجل في كتابه على أن من عصاه لا يعقل، فقال تعالى فى سورة الملك ” وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا فى أصحاب السعير” وإن حد الحُمق هو استعمال المعاصي والرذائل، وهو ضد العقل، ولا واسطة بين الحمق والعقل إلا السخف، وقد أمر الشرع باستعمال العقل وعدم تعطيله، بل ذم من لا يتفكر بعقله الأمور، ولا يتدبر في الآيات مِن حوله، وتوعده بويل، فعن عطاء قال “دخلت أنا وعبيد بن عمير على السيدة عائشة رضى الله عنها، فقالت لعبيد بن عمير قد آن لك أن تزورنا، فقال أقول يا أماه كما قال الأول ” زر غبا تزدد حبا” قال، فقالت دعونا من رطانتكم هذه.

 

قال ابن عمير أخبرينا بأعجب شيء رأيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فسكتت، ثم قالت لما كان ليلة من الليالي قال “يا عائشة، ذريني أتعبد الليلة لربي” قلت والله، إني لأحب قربك، وأحب ما يسرك، قالت فقام فتطهر، ثم قام يصلي، قالت فلم يزل يبكي حتى بل حجره، قالت ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بلّ لحيته، قالت ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بلّ الأرض، فجاء بلال يؤذنه بالصلاة، فلما رآه يبكي قال يا رسول الله، لِما تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم وما تأخر؟ قال “أفلا أكون عبدا شكورا؟ لقد نزلت عليّ الليلة آية، ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها، فقال الله تعالى فى سورة آل عمران ” إن فى خلق السموات والأرض” رواه ابن حبان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى