مقال

نفحات إيمانية ومع فضل الشهادة ومنزلة الشهيد” جزء 5″

نفحات إيمانية ومع فضل الشهادة ومنزلة الشهيد” جزء 5″

بقلم/ محمـــد الدكــــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع فضل الشهادة ومنزلة الشهيد، وإن من اعتنق الحق، وأخلص له، وضحى في سبيله، وبذل دمه ليروي شجرة الحق به، فهذا شهيد، وأن هناك شهيد آخر هو الذي يأبى الدنية، ويرفض المذلة والهوان، فإن الله سبحانه وتعالى جعل العزة للمؤمنين، فإذا حاول أحد أن يستذلك فدافع، إذا حاول أحد أن يجتاح حقك فقاوم، فقد جاء رجل إلى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله، أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال صلى الله عليه وسلم “فلا تعطه مالك” قال أرأيت إن قاتلني؟ قال صلى الله عليه وسلم “قاتلة” قال أرأيت إن قتلني؟ قال صلى الله عليه وسلم “فأنت شهيد” قال أرأيت إن قتلته؟ قال صلى الله عليه وسلم “هو في النار”

 

وقد جاء في السنن أيضا ” من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد ” فالمسلم ينبغي أن يتشبث بحقوقه، وأن يدافع عنها، وألا يجعل الدنية صفة له، بل ينبغي أن يحافظ على حقه الأدبي والمادى، وليس معنى الحفاظ على الحق المادي والأدبي أن يكون الإنسان حريصا على الحياة، أو حريصا على الوجاهة في الدنيا، لا، ليس هذا هو المطلوب، وإنما حدث أن النبى صلى الله عليه وسلم، قال للأنصار “ستكون أثرة وأمور تنكرونها” قالوا يا رسول الله، فما تأمرنا؟ قال صلى الله عليه وسلم “تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم” ومعنى ستجدون أثرة بعدى.

 

أى ستعيشون في مجتمع لا يعطيكم حقكم ولا مكانتكم، وأما معنى تؤدون الحق الذي عليكم؟ افرض أنى في مجتمع جائر، هل أخون؟ لا، ولكن أؤدي ما علي كاملا وأطلب من الله الأجر، وهو حسب كل مؤمن ووكيله، وإن كلمة الوطن هى كلمة صغيرة لكنها باتساع الكون، ومجرد أن يذكر الإنسان هذا المكان الذى ينتمي إليه بكل ما فيه تتأجج المشاعر ويصبح القلب ممتلئا بكل ما هو جميل، فالجميع يتمسك به لأنه الأساس الذي يقوم عليه كرامة الشخص وكيانه، وحب الوطن هوالحب الحقيقي لأنه حب فطري ينبع من أعماق القلب ولا يمكن صده أبدا، لأنه الكيان الذي تنتمي إليه جميع الكائنات، ودون وجوده يشعر الإنسان بالضياع والتشرد.

 

والانتماء للوطن يأتي دون أى تخطيط، لأن الشخص يشعر أن اكتماله لا يكون إلا في وطنه، وبدونه يشعر بالنقص وعدم الاستقرار، فالإنسان مجرد أن يفتح عينيه ويولد، تقع عيناه على سماء بلاده، ويبدأ بتنفس الهواء فيه فيستوطن حبه في القلب إلى الأبد، وعلى الرغم من أن البعض يعد الوطن مجموعة من الأنظمة والقوانين التي يجب الخصوع لها، إلا أن فكرة وجود بلاد ينتمي إليها الإنسان فهي أعظم من جميع المسميات، فهو مصدر الأمن والأمان، والمكان الذي يحصل فيه الإنسان على حقوقه ويؤدي واجباته بصدر رحب، وهذا ما يفسر الاستماتة في الدفاع عن حدود أوطانهم، وعدم السماح لأى أحد بأن يسبب له الضرر.

 

وليس غريبا أبدا أن تقام حروب كبيرة لأجل الدفاع عن حرية الوطن، لأن كرامة الإنسان تكون في وطنه وعلى أرضه، وحبه لا يقتصر على الإنسان فقط، بل إن جميع الكائنات من حيوانات وطيور تحب أوطانها، فالطيور مهما هاجرت لا بد وأن تعود إلى حيث ولدت ونشأت، وحب الوطن ليس مجرد كلمات رنانة يقولها الشعراء والأدباء، بل هو حب بالأفعال والدفاع عن كيانه ووجوده، والشعور بأن أمنه جزء من الأمن النفسي والشخصي، لهذا فإن حب الوطن يظهر في تصرفات أبنائه وخوفهم عليه وحمايته من أي تدمير محتمل، واستعدادهم للدفاع عنه باستماتة ضد جميع المتربصين، ويكون هذا بالتضحية بالروح مقابل أن تظل راياته خفاقة عالية تلوح في الأفق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى