مقال

نفحات إيمانية ومع أحياء عند ربهم يرزقون” جزء 2″

نفحات إيمانية ومع أحياء عند ربهم يرزقون” جزء 2″

بقلم/ محمـــد الدكــــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع أحياء عند ربهم يرزقون، وإن الشهيد قد وجد غاية سامية أعلى من حياته فوهب روحه في سبيل تحقيق تلك الغاية، وهذه هي الغاية التي يطمح الإنسان للوصول إليها من الأخلاق والمكارم الرفيعة التي هي المعيار في ارتقاء الأمم ووصولهم إلى أرقى درجات الحضارة والإنسانية، وكذلك فإن من صفات الشهيد أنه إنسان قد تربى على الإيثار فلا تعرف الأثرة طريقها إليها ولا تهتدي لأمثاله من الذين يكون هم الأمة قد استحوذ عليهم وتعلق شغاف قلوبهم، ومن صفاته أنه كريم أبي لا يرضى بالضيف ولا الحيف، فيسعى لأن يكون العدل والسلام هما الصفتان السائدتان في العالم، فلا يسعه أن يقف في صف فيه ظلم ولا أن يأتمر بأمر ظالم يسعى في الأرض ليعيث فيها فسادا.

 

ولكنه يكون الفارس الأبيض، الأبيض فى الخُلق والصفات السامية الذي يتمنى حضوره كل أهل الأرض من المظلومين والمستضعفين ليلوذوا به ويجدوا لأنفسهم مكانا إلى جانبه يدافع عنهم ويدافعون عنه ويفديهم ويفدونه بالغالي والنفيس، وإن العسكريون منذ أن يصبحوا طلبة فى الكليات التى تعدهم وتؤهلهم ليدافعوا عن الوطن، تكون عقيدتهم الأساسية معتمدة على اعتبار أنفسهم مشاريع شهداء، وهم يحسبونها بطريقة عقلانية مفادها أن من الممكن أن تنتهى حياتهم وهم يقومون بهذه المهمة، والمنطق الذى يحكمهم فى ذلك أن الحياة تهون من أجل الحفاظ على الوطن والأرض والعرض، وإن الشهادة والشهداء لها في الإسلام مكانة وشأن عظيمان.

 

من حيث التكريم الذي يحاط به الشهيد في الدنيا والآخرة، فيخلد اسمه في الدنيا، وتعلو منزلته في الآخرة ويبلغ رتبة في الآخرة لا تنبغي إلا للشهداء أمثاله والأنبياء والمرسلين والأولياء الصالحين، وتشهد على هذه المنزلة الرفيعة آيات وأحاديث نبويّة كثيرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف الذي يبين فيه فضل الشهيد ومنزلته عند الله تعالى “للشهيد عند الله ست خصال ” يغفر له فى أول دفعة، ” أى بمعنى دمه الذى يقع على الأرض ” ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوته منها خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين ويشفع فى سبعين من أقاربه”

 

فلم ينل الشهيد هذه المنزلة سوى لكرمه على الله تعالى، فليس من بذل حياته وضحى بأعز ما يملك في سبيل رفع راية التوحيد عاليا، فلن يكون العبد أكرم من ربه، ولذلك سيكون العطاء على قدر المعطى، وإن حياة الشخص المستعد للشهادة تكون بالنسبة له رخيصة فى سبيل الوطن الذى تحمل أمام المجتمع مسئولية أمنه وسلامته، ومن منطلق هذه الثقة التى أولاها له المجتمع، تهون حياته ويمكنه أن يضحى بها بسهولة إذا ما تطلب الأمر ذلك، لدرجة أن بعضهم عندما يذهب لأداء مناسك الحج والعمرة، تكون الدعوة الأساسية بالنسبة له هناك، هى يا رب بلغنى الشهادة، ولأنه يريد أن يفوز بهذه المنزلة ربما تجده يقول لأمه أو أقاربه ادعوا لى أنول الشهادة.

 

وهنا يبدو أنه يتماهى مع الوطن، وكذلك على عكس الحروب التقليدية التى يكون فيها العدو ظاهرا ومعروفا، فإن الإرهاب يمثل تحديا أكبر، ولا شك أن من يسعى للشهادة فى الحرب ضد الإرهاب ينظر للإرهابيين باعتبارهم سرطانا داخليا فى جسد المجتمع، وبالتالى فإن عليه ألا يعطيهم الفرصة لكى يضيعوا وطنه وشعبه، والمواجهة معهم تعطيه تحديا أكبر فى أنه لا يتوانى فى الدفاع عن الوطن بكل ما أوتى من قوة، حتى لو كان الثمن التضحية بحياته، وإن للشهداء مزايا وخصائص ومنها أنهم يكفنون في ثيابهم فلا تنزع، حيث قال خباب بن الأرت هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل الله نبتغي وجه الله عز وجل، فوجب أجرنا على الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى