مقال

نفحات إيمانية ومع النصر أو الشهادة ” جزء 1″

نفحات إيمانية ومع النصر أو الشهادة ” جزء 1″

بقلم/ محمـــد الدكــــرورى

 

إن منزلة الشهداء منزلة عظيمة عند الله عز وجل لا تساويها منزلة فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال “ليس شيء أحب إلى الله من قطرتين وأثرين قطرة من دموع في خشية الله وقطرة دم تهراق في سبيل الله وأما الأثران فأثر في سبيل الله وأثر في فريضة من فرائض الله “رواه الترمذى، وإن من العجائب اللافتة أن أول من تسعر بهم النار يوم القيامة شهيد وعالم ومنفق، والبلاء ناتج في حالهم من نياتهم السيئة وعدم إخلاصهم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “إن الله تعالى إذا كان يوم القيامة ينزل إلى العباد ليقضي بينهم، وكل أمة جاثية، فأول من يدعو به رجل جمع القرآن، ورجل قتل في سبيل الله، ورجل كثير المال.

 

فيقول الله للقارئ ألم أعلمك ما أنزلت على رسولى؟ قال بلى يا رب، قال فماذا عملت فيما علمت؟ قال كنت أقوم به آناء الليل وآناء النهار، فيقول الله تعالى له كذبت، وتقول الملائكة كذبت، ويقول الله له بل أردت أن يقال فلان قارئ، فقد قيل ذلك، ويؤتى بصاحب المال، فيقول الله تعالى ألم أوسع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد؟ قال بلى يا رب، قال فماذا عملت فيما آتيتك؟ قال كنت أصل الرحم وأتصدق، فيقول الله له كذبت، وتقول الملائكة له كذبت، ويقول الله تعالى بل أردت أن يقال فلان جواد وقد قيل ذلك، ويؤتى بالذي قتل في سبيل الله فيقول الله له فيماذا قتلت؟ فيقول أمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلت حتى قتلت، فيقول الله تعالى له كذبت، وتقول له الملائكة كذبت.

 

ويقول الله تعالى له بل أردت أن يقال فلان جرئ، فقد قيل ذلك، ثم ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ركبتي فقال يا أبا هريرة، أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة” وإنه لا يعادل أجور الشهداء إلا أهل الطاعات المتنوعة من صلاة وصدقات وقيام وصيام وبذل معروف وجهاد في سبيل الله وتحصيل علم وإصلاح بين الناس وغيرها من صور الطاعات الصالحة النافعة، فلأهل العمل الصالح الصحبة الكريمة مع الأنبياء والشهداء، فقال الله تعالى ” ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا” ومما يعادل أجور الشهداء ويوزن بدمائهم يوم القيامة أحبار أقلام العلماء.

 

فقال الحسن رضي الله عنه ” يوزن مداد العلماء، ودم الشهداء، فيرجح مداد العلماء على دم الشهداء ” ثم إن أصحاب نبى الله عيسى عليه السلام الذين علموا صدق نبوته ورسالته راحوا يسألون ربهم أن يكتبهم مع الشاهدين بعد أن آمنوا به، واتبعوا رسوله، وشهدوا بأنهم مسلمون، وكذلك الذين جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا إنا نصارى كانوا كما جاء فى سورة المائدة ” إذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين” ولهذا أمرنا ربنا سبحانه وتعالى أن نقيم البينات لإثبات الحقوق بالشهداء، إما بشهيدين من رجالنا، أو برجل وامرأتين، أو بشاهد واحد ويمين، أو بأربعة شهداء.

 

وفق الحالة والنص الوارد فيها، وقيل عن الشهيد أن التسمية عائدة لكون الشهيد يشهد بدمه أنه من الصادقين، فكما أن الشهود في توثيق الحقوق يثبتون ما كُنب على الشهادة بتوقيع خاص بهم، أو حتى ببصمتهم فإن الشهيد يوقع على صدقه مع الله تعالى بدمه، فدمه شهيد على حبه لربه، ودلالة إيثاره ما عند الله تعالى على ما عنده، ثم إن الشهيد يبعث يوم القيامة وله شاهد بقتله، وهو دمه، لأنه يُبعث وجرحه يتفجر دما، اللون لون الدم، والريح ريح المسك، فمعلوم أن من عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بُعث يوم القيامة عليه، وإن هذا السر إذا أضيف إلى سابقه شقّ اليقين شغاف قلبك أن للشهيد توقيعين يشهدان له عند ربه، توقيع في الدنيا يتمثل في قطرات دمه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى