مقال

نفحات إيمانية ومع النصر أو الشهادة ” جزء 5″

نفحات إيمانية ومع النصر أو الشهادة ” جزء 5″

بقلم/ محمـــد الدكــــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع النصر أو الشهادة، وأما عن الصلاة على الشهيد فقد جاءت الأحاديث الصحيحة المصرحة بأنه لا يصلي عليه، ومنها عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال كان النبي صلى الله عليه وسلم” يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد ثم يقول أيهم أكثر أخذا للقرآن فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد وقال أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة وأمر بدفنهم في دمائهم ولم يغسلوا ولم يصل عليهم” رواه البخاري، وأن أنس بن مالك حدثهم أن شهداء أحد لم يغسلوا ودفنوا بدمائهم ولم يصل عليهم” رواه أبو داود، وجاءت أحاديث أخرى صحيحة مصرحة بأن يصلي عليه، فعن عقبة بن عامر رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

خرج يوما فصلى على أهل أحد صلاته على الميت ثم انصرف، وعن يزيد بن أبي حبيب قال إن النبي صلى الله عليه وسلم، صلى على قتلى أحد بعد ثمانى سنين كالمودع للأحياء والأموات” رواه أبو داود، وقد اختلفت آراء الفقهاء تبعا لاختلاف هذه الأحاديث، فأخذ بعضهم بها جميعا، ورجح بعضهم بعض الروايات على بعض، فممن ذهب مذهب الأخذ بها كلها “ابن حزم” فجوز الفعل والترك قال، فإن صلي عليه فحسن، وإن لم يصل عليه فحسن، وهو إحدى الروايات عن الإمام أحمد، واستصوب هذا الرأي ابن القيم، فقال والصواب في المسألة إنه مخير بين الصلاة عليهم وتركها لمجيء الآثار بكل واحد من الأمرين، وهذه إحدى الروايات عن أحمد.

 

قال والذي يظهر من أمر شهداء أحد أنه لم يصل عليهم عند الدفن، وقد قتل معه بأحد سبعون نفسا، فلا يجوز أن تخفى الصلاة عليهم، وحديث جابر بن عبد الله في ترك الصلاة عليهم صحيح وصريح، وأبوه عبد الله أحد القتلى يومئذ، فله من الخبرة ما ليس لغيره، ويرجح أبو حنيفة والثورى والحسن وابن المسيب روايات الفعل، فقالوا بوجوب الصلاة على الشهيد، ورجح مالك والشافعي وإسحاق وإحدى الروايات عن أحمد العكس وقالوا بأنه لا يصلى عليه، وقال الشافعي فى ” الأم ” جاءت الأخبار كأنها عيان من وجوه متواترة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصل على قتلى أحد، وما روى أنه صلى عليهم وكبر على حمزة سبعين تكبيرة لا يصح.

 

وأما حديث عقبة بن عامر فقد وقع في نفس الحديث أن ذلك كان بعد ثمان سنين، وكأنه صلى الله عليه وسلم دعا لهم واستغفر لهم حين علم قرب أجله مودعا لهم بذلك، ولا يدل على نسخ الحكم الثابت، من جرح في المعركة وعاش حياة مستقرة ثم مات، يغسل ويصلى عليه، وإن كان يعد شهيدا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم غسل سعد بن معاذ، وصلى عليه بعد أن مات بسبب إصابته بسهم قطع أكحله، فحمل إلى المسجد فلبث فيه أياما ثم انفتح جرحه فمات شهيدا، ومن عاش عيشة، غير مستقرة، فتكلم، أو شرب ثم مات، فإنه لا يغسل ولا يصلي عليه، وقال ابن قدامة في المغني، الجريح إن رجلا قال أخذت ماء لعلي أسقي به ابن عمي إن وجدت به حياة.

 

فوجدت الحارث بن هشام، فأردت أن أسقيه فإذا رجل ينظر إليه، فأومأ لي أن أسقيه، فذهبت إليه لأسقيه، فإذا آخر ينظر إليه، فأومأ لي أن أسقيه حتى ماتوا كلهم، ولم يفرد أحد منهم بغسل ولا صلاة، وقد ماتوا بعد انقضاء الحرب، وقيل أن الحكمة في ترك الصلاة عليهم هو أن الصلاة تكون على الميت، أما الشهداء فهم أحياء، أو أن الصلاة شفاعة، وهم في غنى عنها لأنهم يشفعون لغيرهم، وأنهم استغنوا بكرامة الله عز وجل عن الصلاة عليهم، وأيضا التخفيف على من بقي من المسلمين لما يكون فيمن مات متأثرا بجراحه، وأيضا خوف عودة العدو ورجاء طلبهم، وأيضا همهم بأهليهم وهم أهلية بهم، وأيضا إبقاء أثر الشهادة عليهم والتعظيم لهم، باستغنائهم عن دعاء القوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى