مقال

نفحات إيمانية ومع النبى مربيا ومعلما ” 4″

نفحات إيمانية ومع النبى مربيا ومعلما ” 4″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الرابع مع النبى مربيا ومعلما، وقد ظهرت أسمى معالم الإنسانية في معاملته صلى الله عليه وسلم للأطفال، فقد كان صلى الله عليه وسلم يخفض لهم جناحه، ويفهم طبيعتهم السنية، فيداعبهم، ويلاطفهم، ويُقبلهم، ويحتضنهم، ويصبر عليهم، ويكره أن يقطع عليهم مرحهم وسعادتهم، حتى ولو كان بين يدي الله تعالى، ونحن نعلم قصته صلى الله عليه وسلم مع الشاب الذي طلب منه رخصة في الزنا، فعليك أن تقارن بين تعامل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع المخطئ وبين تعامل الجماعات المختلفة تجاه المخطئين والمخالفين وما يصفونهم من تكفير وخروج عن الإسلام واستباحة الدماء والأعراض والأموال، فتظهر روح المعاني الإنسانية في أشد الحالات الحرجة والحروب.

ففي الحرب التي تأكل الأخضر واليابس يغرس النبي صلى الله عليه وسلم فيهم المعاني الإنسانية السامية فيوصي الجنود بالرحمه واللين، ثم تجلت إنسانيته صلي الله عليه وسلم يوم فتح مكة، وقد فعل أهلها به وبأصحابه ما فعلوا، فقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه، لما كان يوم الفتح ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة أرسل إلى صفوان بن أمية، وإلى أبي سفيان بن حرب، وإلى الحارث بن هشام، قال، عمر، فقلت لقد أمكنني الله منهم، لأعرفنهم بما صنعوا، حتى قال رسول الله صلي الله عليه وسلم “مثلي ومثلكم كما قال يوسف لإخوته، لا تثريبَ عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين” فقال عمر رضى الله عنه فانفضحت حياء من رسول الله صلي الله عليه وسلم من كراهية أن يكون بدَر مني.

وقد قال لهم رسول الله صلي الله عليه وسلم ما قال “سبل الهدي والرشاد” فانظر إلى الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله عنه، كان يريد أن يأخذ بثأره منهم ويرد لهم الصاع وكان شاهرا سيفه ينتظر القرار بضرب أعناقهم واحدا تلو الآخر فهم الذين آذوهم وطردوهم من مكة لذلك يقول لقد أمكنني الله منهم، لأعرفنهم بما صنعوا، ولكن عفا النبى صلى الله عليه وسلم عنهم وأظهر حلمه وإنسانيته تجاه أعدائه، ومن معالم إنسانيته الرائعة أنه رغم خلافه مع قومه وظلمهم له، وتعديهم عليه، وتآمرهم بالقتل والإبعاد والتحريض إلا أنه لم يضق صدره بهم ذرعا، ودعا عليهم بل كان يفتح يديه، ويبتهل إلى ربه ويدعوا لهم بالهداية، وكاد صلى الله عليه وسلم.

أن يهلك نفسه من الحسرة والألم وكثرة الفكر، وطول الهم، وبذل الجهد عله أن ينقذ حياتهم من الكفر وآخرتهم من النار، ولم يكتف بذلك بل من معالم إنسانيته أنه كان يزور مرضى غير المسلمين، فقد وصلت الإنسانية في حياة النبي صلى الله عليه وسلم أقصاها حتي يقدم الجانب الإنساني نحو الأبوين علي بعض التكاليف الهامة في مصير الأمة مثل الجهاد في بعض الحالات الاستثنائية، وإن بسمة تعلو شفتي أب حنون، وتكسو وجه أم متلهفة، لا تقّدر عند النبي محمد صلى الله عليه وسلم بثمن، حتى حينما يكون الثمن جهادا في سبيل الله، يثبت دعوته، وينشر في الآفاق البعيدة رايته، وحينما تتم العبادة على حساب رحمة الوالدين تتحول إلى عقوق.

والنبي صلى الله عليه وسلم يركز على الرحمة والإنسانية تركيزا شديدا كلما اشتدت إليها الحاجة، ولم تقتصر إنسانيته صلى الله عليه وسلم على عالم الإنسان بل امتدت إلى عالم الحيوان والجماد، فكان صلى الله عليه وسلم يعتبر الحيوان كيانا معتبرا ذا روح يحس بالجوع ويشعر بالعطش، ويتألم بالمرض والتعب، ويدركه ما يدرك الإنسان من أعراض الجسد، لذا رأيناه صلى الله عليه وسلم تتألم نفسه ويرق قلبه لحيوان ألم به الجوع ونال منه الجهد، ونعلم جميعا قصة حنين الجذع شوقا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانظر كيف تعامل النبى صلى الله عليه وسلم مع عالم الحيوان والجماد مراعيا المشاعر الإنسانية بل أمر بجذع النخلة أن يدفن تكريما له كبني الإنسان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى