مقال

نفحات إيمانية ومع إنعدام الأخلاق ” جزء 3″

نفحات إيمانية ومع إنعدام الأخلاق ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــروى

 

ونكمل الجزء الثالث مع إنعدام الأخلاق، وإن لحسن الخلق ثمرات وفوائد تعود على صاحبه في الدنيا والآخرة وهى تتمثل فى محبة الخلق، فإن الفرد إذا حسنت أخلاقه أحبه الناس وأقبلوا على معاملته والزواج منه واشتهر بصدقه وأمانته وهذا الذي دفع السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها إلى اختيار الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ليتجر في مالها ثم الزواج منه لصدقه وأمانته فقد كان مشهورا بين قريش بالصادق الأمين وكل هذا قبل البعثة، وأيضا من ثمراته هو أن حسن الخلق قوام الحضارات، فالحضارات والأمم تبني على التعاون والتشارك والصدق والأمانة في البيع والشراء وسائر القيم والأخلاق الفاضلة.

 

أما إذا انتشر الكذب والنفاق والغش والخداع والتضليل والقهر والظلم والربا والاحتكار وانتشرت الجرائم من السرقة والزنا والقتل والتفجير والتخريب فأنى لقيام الحضارات؟ وكذلك فإن حسن الخلق من كمال الإيمان، فصاحب الأخلاق الحسنة يكون كامل الإيمان، فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم خلقا” رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وقال المباركفوري، أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا،لأن كمال الإيمان يوجب حسن الخلق والإحسان إلى كافة الإنسان، وخياركم خياركم لنسائهم لأنهن محل الرحمة لضعفهن.

 

وإن الاخلاق الحميدة قيل هى عبارة عن المبادئ والقواعد المنظمة للسلوك الإنساني، والتي يحددها الوحي لتنظيم حياة الإنسان على نحو يحقق الغاية من وجوده في هذا العالم على الوجه الأكمل والأتم، وللأخلاق الحميدة طابعان، الأول أنه ذو طابع إلهي، بمعنى أنه مراد الله سبحانه وتعالى، أما الثاني فهو ذو طابع إنساني، أي للإنسان مجهود ودخل في تحديد هذا النظام من الناحية العملية، والنظام الأخلاقي هو نظام يجب العمل به من أجل الوصول إلى حياة فاضلة ونيرة، فالأخلاق الحميدة ليست جزء من الدين الإسلامي فحسب، بل هي عبارة عن جوهرة الإسلام وجوهرة جميع الديانات السماوية الأخرى، فالدين الإسلامي والأديان الأخرى كلها تحث على التحلي بالأخلاق الحميدة.

 

والحرص على التعامل بها مع الله تعالى ومع النفس ومع الغير، ويتضح أن الغرض من رسالة سيد الخلق أجمعين رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم هي إتمام مكارم الأخلاق، والعمل على تقويمها، فالهدف من كل الرسلات هدف أخلاقي، والدين نفسه هو دين حسن خلق، كما من الممكن إيجاد الأخلاق في جانب العقدية، حيث ربط الله تعالى رسوله الأمين الإيمان بحسن الخلق، ففي الحديث لما سئل الرسول صلى الله عليه وسلم “أي المؤمنين أفضل قال أحسنهم خلقا” فالأخلاق الحميدة هى قوة راسخة في الإرادة تنزع بها إلى اختيار ما هو خير وصلاح، وإن أصول الأخلاق، وجذورها العلمية، تبين الفرق الشاسع بين نوعي الأخلاق.

 

فيمكن الآن وبكثير من الاطمئنان تبيان أهمية الأخلاق ومكانتها في الإسلام، ومما هو جدير بالذكر أن الأخلاق في الإسلام لم تبنى على نظريات مذهبية، ولا على مصالح فردية، ولا على عوامل بيئية تتبدل وتتلون تبعا لها، بل هي فيض من ينبوع الإيمان يشع نورها داخل النفس وخارجها إذ لا يمكن أن تكون الأخلاق فضائل منفصلة، إنما هي حلقات متصلة في سلسلة واحدة، فالدين الإسلامي الحنيف عقيدته أخلاق، وشريعته أخلاق، وإذا خرق المسلم إحداها أحدث خرقا في إيمانه، ولعل أهمية الأخلاق ومكانتها في الإسلام تكمن في الدرجة الأولى في كونها دليل الإسلام وترجمته العملية، وكلما كان الإيمان قويا كلما أثمر خلقا قويا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى