مقال

البحث عن الأخلاق فى زمن ضاعت فيه الأخلاق ” جزء 5″

البحث عن الأخلاق فى زمن ضاعت فيه الأخلاق ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع البحث عن الأخلاق فى زمن ضاعت فيه الأخلاق، وإن العفو والتسامح من دلالات القوة والعزة، وإن الرسالة التي بعث بها النبى الكريم محمد صلي الله عليه وسلم هي الإسلام وتعاليمه السمحة التي تحمل في مضمونها الخير والوفير الذي شملت فضائله جميع أرجاء الكون، ورسالة الإسلام تقتضي أن تتحلي أمة الإسلام بكافة الصفات الخيرة الطيبة، والتي من بينها التسامح والعفو عند المقدرة والرحمة والعدل، والعديد من الصفات الطيبة والقيم الحميدة التي تساهم بشكل كبير في تأسيس الأمة وتربية ابنائها على منهج سليم، بالإضافة إلى العيش في حياة يسودها الأمان والسلام، لإن العفو والتسامح من الأعمال التي يحبها الله عز وجل.

 

وله فضل وثواب عظيم وأجر كبير، حيث أن الإنسان الذي يعفو عن عباد الله فإن الله سبحانه وتعالى يعفو عنه، وقال الله عز وجل في كتابه العزيز “فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين” فمن يرغب في أن ينال عفو ومغفرة الله عز وجل فليعفو ويغفر عن عباد الله وقت الإساءة والأذى، وتكون المعاملة قائمة على العفو والتسامح وغض الطرف وانتظار الجزاء من الله سبحانه وتعالى، وكذلك فإن العفو والتسامح من شيم المسلم، والتي يجب أن يتحلى بها حتى ترقى أخلاقه، وقد حث الإسلام عن العفو والتسامح، ويحث القرآن الكريم عن التسامح أيضا، ويوجد به العديد من الآيات التي تحبب المسلم في العفو والتسامح.

 

فإن التسامح كلمة كبيرة لا يمكن أن يقدمها إلا إنسان يتمتع بمقومات خاصة، فإن التسامح نور يضيء القلوب، وعندما ينعدم التسامح، ينطفئ القلب فلا ينير بعدئذ أبدا، وإن جميع الأخطاء قابلة للتسامح إذا كنا نحب بعضنا بصدق، وإننا نظهر تسامحا كبيرا مع الأشخاص الذين نريد مسامحتهم، حتى وإن كانت أخطاؤهم عظيمة، ونركز على كل خطأ وإن كان صغيرا مع الأشخاص الذين لا نريد مسامحتهم، إن التسامح مرتبط بشدة بمشاعرنا وإرادتنا، وإن التسامح خلق إن امتلكناه امتلكنا جميع الأخلاق، وذلك لأن التسامح هو الذي يعفو عن غضبك، وهو الذي ينسي الشخص عيوبك، وهو الذي يجعلك محبوبا عند الآخرين، وإن التسامح يظهر في أشد الأوقات غضبا.

 

وأشدها ألما وأكثرها حزنا، وإلا أصبح التسامح بعد ذلك تناسيا وليس تسامح، وإن التسامح ينقي قلوبنا إلى حد لا يمكن لشيء أن ينقيه مثله، تخيل قلبا مليئا بالحقد كيف يكون؟ تخيل بؤس قلبك دون تسامح، فإن التسامح يفضي إلى السلام، لكن الحقد والكره قد يفضي إلى حروب لا نهاية لها، وإن الأقوياء هم من يسامحون، ليس هناك ضعيف يجرؤ على السماح، ليس هناك أبدا، فإذا أردت أن تعيش بهدوء مع الناس تعلم كيف تعفو عن أخطائهم، فإن العفو والتسامح يأتيان في لحظة قدرتك على الانتقام، وأنت قادر ولكن قلبك أنقى من أن ينتقم، فالنصيحة العامه للجميع وهى أن ربُوا أنفسكم على التسامح، فسيأتي يوم تحتاجون فيه من يسامحكم.

 

فإذا كنت متسامحا معهم فستجد قلوبهم نقية دائما تجاهك، وإلا ستكون سببا في حقدهم عليك، فكلنا نخطئ، ولكننا لا ننتبه لأخطائنا بقدر انتباهنا لأخطاء الآخرين، ولو اعترفنا بأخطائنا لتعلمنا كيف نسامح دون تردد، فكثير منا لا يحقدون، لكنهم لا يعرفون كيف يسامحون، فالتسامح يأتي في الخطوة التالية لصفاء القلب، وإنك حين تتعرض للأذى من أي شخص فتسامحه وتعفو عنه، أنت بذلك ستجعله نادما ولن يسامح هو نفسه، فالتسامح لا يعني أن نكون ضعفاء، ولا يعني أن نتخلى عن حقوقنا في سبيله، فالتسامح يعني أن نعطي فرصة ثانية لمن يستحق، لمن يستحق فقط، وإن الشخص الذي يسامح يدفع عنه وعن أحبته العداوات، فتخيل أن يصبح لك أعداء لأسباب صغيرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى