مقال

المرافق العامه بين تعظيم النفع ومخاطر التعدى “جزء8”

المرافق العامه بين تعظيم النفع ومخاطر التعدى “جزء8”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثامن مع المرافق العامه بين تعظيم النفع ومخاطر التعدى، وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” مر رجل بغصن شجرة على ظهر طريق، فقال والله لأنحن هذا عن المسلمين لا يؤذيهم فأدخل الجنه” رواه مسلم، وعن أبي برزة قال قلت يا نبي الله، علمني شيئا أنتفع به؟ فقال صلى الله عليه وسلم ” اعزل الأذى عن طريق المسلمين” رواه مسلم، وإماطة الأذى عن الطريق من الإيمان، فعن أبي هريرة رضى الله عنه قال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبه، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان” رواه مسلم.

 

ومن كف الأذى عدم قضاء الحاجة في طريق الناس، أو ظلهم، وعدم إيذاء الناس في أبدانهم أو أعراضهم، فعن أبي هريرة رضى الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “اتقوا اللعنين” قالوا وما اللاعنان يا رسول الله؟ قال ” الذى يتخلى فى طريق الناس أو ظلهم” رواه أبي داود، وفى قوله صلى الله عليه وسلم ” اتقوا اللاعنين” قال الخطابي يريد الأمرين الجالبين للعن الحاملين للناس عليه والداعيين إليه، وذلك أن من فعلهما لعن وشتم، يعني عادة الناس لعنه فلما صارا سببا لذلك أضيف إليهما الفعل فكانا كأنهما اللاعنان، يعني أسند اللعن إليهما على طريق المجاز العقلي، وقد يكون اللاعن أيضا بمعنى الملعون، فاعل بمعنى مفعول كما قالوا سر كاتم أي مكتوم.

 

فعلى هذا يكون التقدير اتقوا الأمرين الملعون فاعلهما، وفى قوله صلى الله عليه وسلم “الذى يتخلى فى طريق الناس” أي يتغوط أو يبول في موضع يمر به الناس، والمراد بالتخلي التفرد لقضاء الحاجة غائطا أو بولا، فإن التنجس والاستقذار موجود فيهما، والمراد بالطريق الطريق المسلوك لا المهجور الذي لا يسلك إلا نادرا، وفى قوله صلى الله عليه وسلم ” أو ظلهم” أي مستظل الناس الذي اتخذوه مقيلا ومنزلا ينزلونه ويقعدون فيه، وليس كل ظل يحرم القعود للحاجة تحته، فقد قعد النبي صلى الله عليه وسلم لحاجته تحت حائش من النخل وللحائش لا محالة ظل، والحديث يدل على تحريم التخلي في طرق الناس أو ظلهم لما فيه من إيذاء المسلمين بتنجيس من يمر به واستقذاره.

 

ومن ترك الأذى عدم السير في المخالف إن كان طريقا أو مكان المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة، وترك الحركات المرعبة كفرك الكاوتش أو لعبة الحصان أو السرعة الزائدة أو استخدام صافرات الإنذار الغير المأذون فيها، ومن حق الطريق إعانة الرجل في حمله على مركوبه، أو رفع متاعه عليها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “كل سلامه عليه صدقه، كل يوم يعين الرجل فى دابته، يحامله عليها، أو يرفع عليها متاعه صدقه والكلمة الطيبة، وكل خطوه يمشيها إلى الصلاة صدقة، ودل الطريق صدقة” رواه البخارى، كذلك من حق الطريق ردّ السلام، فقال الله تعالى فى سورة النساء ” وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شئ حسيبا”

 

وأيضا حسن الكلام، فقال تعالى فى سورة البقرة ” وقولوا للناس حسنا” وأيضا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقال الله تعالى فى سورة آل عمران ” كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر” ومن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يحث المارة على فعل الخير وقوله، وعلى تجنب السمع الحرام مثل الغناء، وينهى النساء عن التبرج في الأسواق والطرق واختلاطهن بالرجال، فالمنكرات إذا كثر إنكارها زالت أو تلاشت، وإن سكت عنها فشت وانتشرت، وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فوائد عظيمة للأمة، منها نجاة سفينة المجتمع من الهلاك والغرق، ومنها قمع الباطل وأهله، ومنها كثرة الخيرات والحد من الشرور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى