مقال

نفحات إيمانية ومع اللبنة الأولى فى بناء المجتمع ” جزء 6″

نفحات إيمانية ومع اللبنة الأولى فى بناء المجتمع ” جزء 6″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السادس مع اللبنة الأولى فى بناء المجتمع، وكما تقوم الأسرة على مبدأ التكافل الاجتماعي والتعاون بين جميع أفرادها، لذا شرعت أحكام النفقات والميراث والوصية، وإن أهم أهداف الأسرة هو عبادة الله سبحانه وتعالى في جو أسري إذ يعتبر الهدف الأسمى للتربية الإسلامية لقوله تعالى فى سورة الذاريات ” وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون” فإنها العبادة، وهى عبادة في الزواج، وعبادة في المباشرة والأنسال، وعبادة الله في كل حركة وفي كل خطرة، وإن تكوين الأسرة أمر ديني أمر به الإسلام حتى يتم التقاء الرجل والمرأة في صورة مشروعة، وهدف تكوين الأسرة هو عبادة الله إذا رغب الإنسان في النكاح وطالب به.

 

وإن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قال وهو الذي لا ينطق عن الهوى “إذا ظهرت الفاحشة فشا في الأمة أمراض لم تكن في سابقهم” وقد حذر من هذه الأوبئة، فجميع الأمراض الجنسية تنتقل وتنتشر عن طريق العلاقات غير المشروعة، أو بتعبير آخر عن طريق الفوضى الجنسية، وخاصة عن طريق الزنا واللواط ، ومن الأمراض مثل الأمراض الزهرية أو السرية، وهذه الأمراض توهن الجسم وتفتك بصحة الأولاد، وإن سلامة المجتمع المسلم تظهر من تماسكه وقوته، وسلامته مرهونة بابتعاده عن الفاحشة التي تجلب الأوبئة الخطيرة، ومن ثمّ فإن الزواج هو الوسيلة التي تحقق إشباع غريزة الجنس، لذا ميز الله أهل الإيمان بضبط الغريزة وتوجيهِها التوجيه الصحيح.

 

فقال تعالى فى سورة المرمنون ” والذين هم لفروجهم حافظون، إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين، فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون” ومسلك الفوضى إنما هو انحلال، وعدوان خطير يدمر المجتمع، ويبث الوهن في أنحائه، فقال الله تعالى فى سورة الإسراء ” ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا” لذا يعتبر الزواج طهارة لروح الأسرة والجماعة، ووقاية للنفس والمجتمع بحفظ الفروج من دنس الفواحش، وحفظ القلوب من التطلع إلى غير الحلال، وحفظ الجماعة من انطلاق الشهوات بغير حساب، ومن فساد البيوت والأنساب، فالجماعة التي تنطلق فيها الشهوات بغير حساب معرّضة للخلل والفساد لأنه لا أمن فيها للبيت، ولا حرمة فيها للأسرة.

 

وإن الجماعة التي تنطلق فيها الشهوات بغير حساب جماعة قذرة، هابطة في سلم البشرية، والمقياس الذي لا يخطئ لارتقاء البشرية هو تحكم الإرادة الإنسانية وغلبتها، وتنظيم الدوافع الفطرية في صورة مثمرة نظيفة لا يخجل الأطفال معها من الطريق التي جاؤوا بها إلى العالم، وإن الإصابة بالأمراض الخبيثة في المجتمعات الغربية، وظهور الأمراض التي لم تكن في سابقهم، إنما هو نتيجة لشيوع الفاحشة في هذه المجتمعات، وافتقاد الأسرة مكانتها، ونجد أن عكس هذا ما يقع في بعض دول العالم الإسلامي من اختفاء هذه الأوبئة نتيجة للمحافظة على الأعراض، وعدم الانغماس في الشهوات، ولقد ساهم العديد من الباحثين العرب والغربيين في تحديد مفهوم الأسرة.

 

وقد عرّفها القاموس النقدي لعلم الاجتماع بأنها تلك الهيئة التي تميز الحياة الإنسانية والتي لا يمكن تفسير أية هيئة أخرى بدون الرجوع إليها لكونها تمثل نواة المجتمع، وهي تتألف من مجموعة من الأفراد يتقاسمون الأدوار فيما بينهم، حيث يوجد مجموعة من الشروط الواجب توافرها في الجماعة الاجتماعية ليطلق عليها مصطلح أسرة، ومن أبرزها هو وجود رابطة زوجية بين عضوين على الأقل من جنسين مختلفين، ووجود صلات قرابة دموية كأساس للعلاقات الاجتماعية، ووجود شكل من أشكال الإقامة المشتركة والمستمرة، ووجود مجموعة وظائف محددة، ووجود مجموعة قواعد تنظيمية رسمية وغير رسمية، ويرتبط دراسة موضوع الأسرة عند الكثير من الباحثين بمصطلح شائع التداول في هذا الشأن وهو العائلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى