مقال

نفحات إيمانية ومع الهدف من تكوين الأسرة ” جزء 9″

نفحات إيمانية ومع الهدف من تكوين الأسرة ” جزء 9″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء التاسع مع الهدف من تكوين الأسرة، وتشمل التربية الاجتماعية على عدة نقاط، وهى تربية الولد على محبة الخير للغير، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه” وأيضا تربية الولد على توقير الكبير، وأيضا تربية الولد على صلة الأرحام، وأيضا تربية الولد على الإحسان إلى الجيران، وكما ينبغي عليكم أيها الآباء أن تربوا أبناءكم تربية اقتصادية فينشا الولد على تحمل المسؤولية وعلى معرفة الحلال من الحرام، ويربي الوالد ولده تربية اقتصادية، وهى التربية على أن الغنى غنى النفسن فقد جاء في حديث أبي ذر رضي الله عنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم له “أترى كثرة المال هوالغنى؟”

 

قال أبوذر نعم، قال “وترى قلة المال هوالفقر؟” قال أبوذر نعم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم “إنما الغنى غنى القلب، والفقر فقر القلب” ومعنى ذلك عدم تقبل المال من كل سبيل، وعدم إنفاقه في كل سبيل وبأي مقدار، وأيضا التربية على العمل وكسب العيش، فقد جاء في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال إن ناسا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى نفد ما عنده، فقال “ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم، من يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله” ومعنى ذلك أن الوسائل النفسية المهمة هو التعفف، والاستغناء، والصبر، أما الوسيلة المادية فهي العمل.

 

وعن أبي عبد الله الزبير بن العوام رضي الله عنه، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لأن يأخذ أحدكم أحبله ثم يأتي الجبل، فيأتي بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها، فيكف الله بها وجهه، خير له من أن يسأل الناس، أعطوه أومنعوه ” رواه البخاري، ولهذا كان أهل مكة يعملون في التجارة في مكة، وبالزراعة في المدينة، وكذلك أيضا التربية على الاعتماد الذاتي والاكتفاء بالدخل الشخصي، فقد جاء في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قول رسول الله صلى الله عليه وسلم “فراش للرجل، وفراش لامرأته، والثالث للضيف، والرابع للشيطان” رواه مسلم، ومعنى ذلك تقليل المصروفات، حتى لا يحتاج المرء إلى الاستدانة من الآخرين، وليكتفي ذاتيا بما عنده.

 

وأيضا التربية على العطاء، فقد جاء في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قول رسول الله صلى الله عليه وسلم “اليد العليا خير من اليد السفلى، واليد العليا المنفقة، والسفلى السائلة” ومعنى ذلك رفع المستوى الاقتصادي للمجتمع، بحيث يكثر فيه المعطون، ويقل فيه الآخذون، فإن هذه هى أهم معالم التربية الاقتصادية التي نشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه عليها، وربّاهم على الأخذ بها، ودعاهم إلى سلوكها، فآتت ثمارها على الصحابة رضوان الله عليهم، وعلى المجتمع المسلم، وكان لها صداها في مجال الدعوة إلى الإسلام، ولقد كانت الضرورة تحتم على الأسرة تنشئة الأطفال على العمل وتربيتهم تربية عملية، وذلك لانشغال الأسرة بالأعمال اليومية المتواصلة.

 

فتضطر إلى ترك الأطفال يعتمدون على ذواتهم في كثير من مسارب حياتهم الطفولية، ثم تأتي بعد هذا في مراحل الطفولة الأولى الاستفادة من الأطفال بإرسالهم أو تعويدهم على القيام بمهام، وكذلك رؤية حياة الدأب، وتواصل العمل من الأب والأم والأخوة، ومن هنا ينخرط كل منهم في دوره، فالأبناء يعملون بما يهيئ الرجال، والفتيات يعملن بما يهيئ النساء فتكون التربية العملية تربية اجتماعية ضرورية، ومن هنا كانت الحياة متفاعلة في الحياة القروية والبدوية، ولكن مع الوفرة المالية فترة الطفرة، وانتشار الخدمة، وعدم الحاجة لخدمات الأولاد والبنين، تولدت حالة التهاون والتكاسل، وفقدت العملية التربوية للعمل، ولم يتنبه المجتمع في بلادنا وبلاد العرب، بل والعالم الإسلامي لضرورة التنظير للتربية العملية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى