مقال

نفحات إيمانية ومع مالك بن أوس بن جذيمة “جزء 4”

نفحات إيمانية ومع مالك بن أوس بن جذيمة “جزء 4”

بقلم / محمـــد الدكــــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع مالك بن أوس بن جذيمة، ولقد كان أيضا انتصار المجاهد ضرار في معركة أجنادين، كان عاملا قويا وحافزا كبيرا لجيش المسلمين من خلال رفع معنوياتهم، وفي الوقت نفسه فيها إحباط ويأس لجيش الروم، وقد أقدم ليشارك مع القائد خالد بن الوليد في معركة مرج دهشور، حيث سجل المجاهد ضرار بن الأزور انتصارا جديدا يضاف إلى سجل انتصاراته، وقد برز ضرار كالنسر ينقض على الأعداء، وذلك بمساعدة سيف الله خالد بن الوليد، وعندها التحم الجيشان، وظهر بطريق الروم بولص أمام المجاهد ضرار وكان يود بولص أن يثأر للقائد وردان، وبدأت المعركة بينهما، وقد تمكن سيف ضرار من رقبة بولص، فنادى بولص يا خالد، دعني من هذا الجني، واقتلني أنت ولا تدعه يقتلني.

 

فقال له خالد، هو قاتلك، وقاتل الروم، وقد هوى سيف ضرار على عنق بولص، فقطعه، وبدأ ضرار ينشد ويقول، عليك ربي في الأمور المتكل، اغفر ذنوبي إن دنا مني الأجل، وعني امح سيدي كل الذلل، أنا ضرار الفارس العزم البطل، يا رب وفقني إلى خير العمل، باعي على الأعداء أضحى المتصل، أقمع بسيفي الروم حتى يضمحل، مالي سواك في الأمور من أمل، وقد وقع المجاهد ضرار، أسيرا بيد الروم في معركة مفاجئة، وذلك عندما كان ضرار ومعه مئتان من المجاهدين العرب، يستطلعون أخبار العدو، وإذ بكتيبة من الروم، مؤلفة من عشرة آلاف من الأعداء المدججين بالسلاح والدروع، والتحم الجيشان، وبعد قتال مرير، كبا جواد ضرار، به ووقع أسيرا بيد الروم بعد أن أحاط به خمسمائة من الروم، وأخذ ينشد ضرار وهو أسير ويقول.

 

ألا بلغا قومي وخولة أنني، أسير رهين موثق اليد بالقيد، وحولي علوج الروم من كل كافر، وأصبحت معهم لا أعيد ولا أبدي، فلو أنني فوق المحجل راكب، وقائم حد العضب قد ملكت يدي، لأذللت جمع الروم إذلال نقمة، وأستقيم وسط الوغى أعظمه الكد، فيا قلب مت هما وحزنا وحسرة، ويا دمع عيني كن معينًا على خدي، فلو أن أقوامي وخولة عندنا، وألزم ما كنا على العهد، كبا بي جوادي فانتبذت على الوغى، وأصبحت بالمقدور لم أبلغن قصدي، وقد أدى نبأ وقوع المجاهد ضرار بن الأزور، أسيرا في قبضة العدو، إلى اندفاع الأبطال الميامين، أمثال رافع بن عمر الطائي، والمسيب بن نجيبه الغزاري، ونظموا صفوفهم، بعد أن رسموا خطة وكمين على طريق معسكر الروم، واتجهوا نحو ضرار ورفاقه المحاطين من كل جوانب بالأعداء.

 

وخاضوا معركة بطولية، هذا من جهة، ولما علمت أخت ضرار وهى السيده خولة بنت الأزور، بأسر أخيها، فقد تحركت مع كتيبة كاملة من أجل فك أسر أخيها، وقاتلت أصدق قتال، وسطرت أروع ملامح البطولة، لدرجة ظن المجاهدون أنها أحد الأبطال الفدائيين فأقسموا عليها أن تكشف لثامها، فقالت لهم أنا خولة بنت الأزور، وهذا جانب آخر، ممن أنقذوا ضرار ومن معه، من الأسر، وعندما تخلص ضرار بن الأزور، وأصحابه من الأسر، امتطى صهوة جواده ثانية، وأكمل المعركة إلى جانب رفاقه الأبطال حتى أفنوهم ورجعوا مستبشرين فرحين بنجاة ضرار، ومن معه، فأنشد بعد ذلك يقول، لك الحمد مولاي في كل ساعة، مفرج أحزاني وهمي وكربتي، فقد نلت ما أرجوه في كل راحة، وجمعت شملي ثم أبرأت علتي، سأفني كلاب الروم في كل معرك.

 

فذلك والرحمن أكبر همتي، فيا ويل كلب الروم إن ظفرت يدي، به سوف أصليه الحسام بنقمتي، وكان نظرا لكفاءته العالية، ولخبرته الواسعة، ولجرأته في القتال، وإرادته القوية في القتال والجهاد والفداء، فقد اختاره القائد خالد بن الوليد رضى الله عنه، أن يتولى قيادة الحرس المتحرك للالتفاف على مسيرة الروم والوصول إلى خلف وادي الرقاد، واحتلال موقع لسد الطريق عند الضفة البعيدة للوادي، حيث استطاع المجاهد ضرار بن الأزور، أن ينقذ التحرك بكفاءة عجيبة، وخصوصا من السيطرة التامة على ممر الوادي، والعمل على إبادة عدد كبير من قوات الروم في وادي الرقاد، وأيضا فقد نذر المجاهد ضرار بن الأزار، نفسه.

 

وحمل روحه على كفه من أجل الجهاد في سبيل الله لأن الجهاد باب من أبواب الجنة، وقاتل وكان مثالا للتضحية والفداء، حتى قطعت ساقاه في معركة اليمامة، وبالرغم من ذلك، لم يتوقف عن القتال، وتمكن من القتال، عندما تحرك على ركبتيه مناضلا بما يستطيع حتى لقي ربه شهيدا، وقد قيل عن ضرار بن الأزور، أنه توفي في طاعون عمواس ودُفن في غور الأردن في قرية ضرار، وسميت باسمه، وهذا هو الأصح انه توفي بطاعون عامواس لانه شارك في فتوح الشام تحت قيادة سيف الله المسلول خالد بن الوليد، وأمين الأمه أبوعبيدة عامر بن الجراح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى