مقال

نفحات إيمانية ومع التفكر فى كتاب الله عز وجل ” جزء 3″

نفحات إيمانية ومع التفكر فى كتاب الله عز وجل ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع التفكر فى كتاب الله عز وجل، ولقد رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم شكوى إلى الله كما قال تعالى فى سورة الفرقان ” وقال الرسول يا رب إن قومى اتخذوا هذا القرآن مهجورا ” وهذه الشكوى لها واقع ملموس في حياة المسلمين سواء من ظاهرة الهجر أو من الخسران الذي وقعوا فيه بسبب ترك العمل بهذا القرآن، فإن هجر القرآن الكريم له عدة صور منها هو ترك الإيمان به وعدم التصديق بما جاء فيه، وعدم تدبره وتفهمه، وترك العمل به، وعدم امتثال أوامره واجتناب زواجره، ومن هجرانه عدم تحكيمه في جوانب الحياة كافة، ومن هجرانه عدم قراءته، وعدم العناية بحفظه ونشره في العالمين، وإنه لما حرم المسلمون أنفسهم من هذا الكنز العظيم.

 

والدستور الكامل لجؤوا إلى قوانين البشرية المبنية على المصالح الفردية ووقعوا في الخلل والظلم والأمراض النفسية والهم والحزن وعدم فهم التاريخ وحقيقة عداوة الكفار والمشركين والمنافقين، والطريق الصحيح للحرية والكرامة، فهم نسوا الله فأنساهم أنفسهم وصدق الله العظيم الذى قال فى سورة طه ” ومن أعرض عن ذكرى فإن له معسشة ضنكا ” ولقد أمر الله تعالى عباده المؤمنين بقراءة كتابه المبين ورتب على القراءة الأجر الكبير وسواء قلت القراءة أو كثرت فان القارئ لا يعدم أجرا قوله صلى الله عليه وسلم ” من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف ”

 

وإن ملازمة قراءة القرآن الكريم صحبة خير تفي صاحبها حقه في الدنيا وتشفع له في دار الآخرة، وفي صحيح مسلم يقول النبي صلى الله عليه وسلم “اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه ” وإن الحفظ صنو القراءة ففي الحديث الشريف ” إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخراب” ولقد شرع الله تعالى القرآن والحفظ من أجل إن يتزود العباد من الحسنات ومن أجل الارتباط بالقرآن قراءة وفهما وعلما فإن القراءة لا تجدي نفعا إلا بتدبر المعاني وبتفهم الآياتف قال تعالى فى كتبه الكريم ” كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب ” بل إن الله تعالى أمر بالتدبر، فقال عز وجل ” أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ”

 

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع القرآن فيقف عند معانيه فتتحرك مشاعره وتذرف عيناه تأثرا بما يقرا وتفاعلا مع الخطاب الإلهي، وإن القرآن شفاء لما في الصدور وهدى ورحمة والتحاكم ليس مقصورا على أصحاب القرار فحسب بل هو شامل للجميع بما في ذلك الفرد المسلم، فالمسلم يتحاكم أمام نفسه ومع زوجه ومع ولده ومع الناس كافة في سائر علاقاته، والمؤمن يتأدب بأدب القرآن فما أمر الله به فهو المعروف الذي يجب أن يفعل وما نهى الله عنه فهو المنكر الذي يجب أن يترك، وإن الله عز وجل أرسل كثيرا من الرسل ولم يقصص علينا إلا بعض قصص الأنبياء التي ستقع جرائم في هذه الأمة كاللواط وتطفيف الكيل والميزان.

 

وكل جرائم الأقوام تتفق على جريمة تكذيب ما جاءت به الرسل عن ربها، فالقارئ للقرآن يعرف حال الأمم إذا استقامت على شرع الله وعبدت ربها وعملت صالحا لوجهه تعالى من النعيم والرخاء والأمن والسلامة وإذا خالفت أمر ربها كيف تتحقق فيها سنة الله في الهلاك والعذاب وذهاب الأمن والرخاء، والقارئ للقرآن بتمعن وتفهم تمر عليه آيات وصف الجنة فيقف عندها طويلا ويتخيل هذا النعيم المقيم، وليس بينه وبينه إلا رحمة الله عز وجل، ثم العمل الصالح فيجد ويجتهد للفوز برضاء الله والجنة، وتمر عليه آيات وصف جهنم فيتأمل فيها طويلا ويتخيل نفسه أحد حطبها إذا هو انساق للشيطان والهوى والنفس فيأخذ نفسه مأخذ الجد ويبتعد عن كل طريق يوصل لها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى