مقال

نفحات إيمانية ومع التفكر فى كتاب الله عز وجل ” جزء 9″

نفحات إيمانية ومع التفكر فى كتاب الله عز وجل ” جزء 9″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء التاسع مع التفكر فى كتاب الله عز وجل، ومن هنا استطاع الصحابة الكرام رضي الله عنهم حفظ كتاب الله عز وجل، لأنه لم يكن بالنسبة لهم مجرد كلمات، بل كان منهجا تربويا سلوكيا إيمانيا ظهر في تعاملاتهم فيما بينهم، بل ومع غيرهم، ويقول الله تعالى فى كتابه العزيز فى سورة طه ” قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدوا فإما يأتينكم منى هدى فمن اتبع هداى فلا يضل ولا يشقى، ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمي ” فقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في هذه الآية أنه تكفل الله تعالى لمن اتبع هدى الله أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة، والمعنى هو أن من اتبع الهدى واستقام على الحق.

 

الذي بعث الله به نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه لا يضل في الدنيا بل يكون مهتديا مستقيما ولا يشقى في الآخرة بل له الجنة والكرامة، وهدى الله هو ما دل عليه كتابه العظيم وهوالقرآن وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، من فعل الأوامر وترك النواهى، وتصديق الأخبار التي أخبر الله تعالى بها ورسوله صلى الله عليه وسلم، والإقامة عند حدود الله عز وجل وعدم تجاوزها، هذا هو الهدى، فاتباع الهدى هو تصديق الأخبار وطاعة الأوامر وترك النواهي والوقوف عند حدود الله، فلا يتعدى ما حد الله تعالى له ولا يقع في محارم الله عز وجل، ومن استقام على هذا طاعة لله تعالى وإخلاصا له ومحبة له وتعظيما له، وإيمانا به وبرسله الكرام، فإنه لا يضل في الدنيا.

 

بل هو على الهدى، ولا يشقى في الآخرة بل هو سعيد في الدنيا والآخرة، وأما من أعرض عن ذكر الله تعالى ويعني عن كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ولم يتبع الهدى فإن له معيشة ضنكا، والله عز وجل يبتليه بالمعيشة الضنك، وهي ما يقع في قلبه من القلق والضيق والحرج ولو أعطي الدنيا كلها، فإنما يقع في قلبه من الضيق والحرج والشك والريب، وهو العيشة الضنك، وهذا من العقاب المعجل، وله يوم القيامة العذاب الأليم في دار الهوان في دار الجحيم، ومع هذا يحشره الله أعمى يوم القيامة، فعلى العبد أن يحذر معصية الله وأن ينقاد لشرع الله وأن يستقيم على هداه، الذي جاء به كتابه الكريم وسنة رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم، وأن يستقيم على الحق أينما كان.

 

فهذا هو اتباع الهدى، والله سبحانه وتعالى هو الموفق لعباده فعلى المسلم والمسلمة الضراعة إلى الله، فكل مؤمن ومؤمنة يضرع إلى الله، ويسأله سبحانه التوفيق والهداية ويجتهد في التفقه في الدين والتعلم والتبصر، فيتدبر كتاب الله ويكثر من تلاوته حتى يستقيم على الأوامر وينتهي عن النواهي، وحتى يصدق أخبار الله عما كان وما يكون، وهكذا يعتني بالسنة، سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، حفظا ودراسة ومذاكرة مع العلماء وطلبة العلم حتى يستقيم على الحق، ويسأل عما أشكل عليه، الذي لا يعلم يسأل أهل العلم ويتبصر ويتفقه حتى يستقيم على هدى، وحتى يكون سيره إلى الله تعالى عن علم بما قاله الله ورسوله، إما بطلبه للعلم واجتهاده في الخير.

 

وإما بسؤاله أهل العلم، كما قال الله سبحانه وتعالى فى سورة النحل ” فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ” وإن من صدق في الطلب والضراعة إلى الله، واجتهد في ذلك وأخلص لله قصده وابتعد عن مساخط الله، وجالس العلماء وسألهم عما يجهله من دينه، فالله سبحانه يعينه ويوفقه، كما قال تعالى فى سورة الطلاق ” ومن يتق الله يجعل له مخرجا ” وقال تعالى أيضا فى سورة الطلاق ” ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا ” وكما قال الله تعالى فى سورة الأنفال ” يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم ” والفرقان هو الهدى والنور، فمن اتقى الله واجتهد في طلب العلم، وسأل عما أشكل عليه وأخلص لله في ذلك فالله سبحانه وتعالى يجعل له فرقان يعطيه العلم، ويوفقه ويهديه سبحانه فضلا منه وإحسانا عز وجل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى