مقال

نفحات إيمانية ومع الهوية الإسلامية ” جزء 1″

نفحات إيمانية ومع الهوية الإسلامية ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــروى

 

إنها ظاهرة فشت وعمّت، وانتشرت وطمت، وأصبح حديثها لا يخلو منه مجلس، وغدا خبرها مُحيرا لكل حليم وعاقل، إنها الموضة وآخر الصيحات والفنانين والراقصات، والتعرى والتبرج الذى أصبحنا نراه فى كل مكان، وإن الذي يقرأ واقع الشباب في العالم الإسلامي والعربي يرى تأثيرها على السلوك والأخلاق، والزّي والعادات، واتباع الموضة الغربية حدّا وصل إلى الهوس والتقديس لها، فلم يعد غريبا أن ترى شبابا ومراهقين تخلوا عن هويتهم، بملاحقة ركاب الموضة الغربية باسم التقدم والعصرية، فأنتم ترون الموضة كيف تلاعبت بعقول وأجساد من يتبعهم، يشكلونهم كيفما يشاؤون، تارة يجعلون الرجل أنثى، وتارة يجعلون الأنثى حشرة.

 

مما سهل مهمة مُصدري الموضة في سلخ من يتبعهم عن دينه وقيمه ومبادئه وأخلاقه النبيلة، فلا تستغربْ أن ترى شبابا قد وضعوا الأقراط في آذانهم، والحلي في معاصمهم وأعناقهم، وكشفوا عن عوراتهم، وتفننوا في حلاقة شعورهم، وفي ألوان ملابسهم إنها الموضة، ولا تمانع الفتاة في التعري وإظهار مفاتن جسدها، مع شيء من التميع باسم الموضة، والاستسلام والانقياد لتنوعها دون حدود أو قيود، وما ذاك إلا لفقد الهوية الإسلامية، وتعرف الهوية بأنها مزيج من الخصائص الاجتماعية والثقافية التي يتقاسمها الأفراد ويمكن على أساسها التمييز بين مجموعة وأخرى، كما تعرف على أنها مجموعة الانتماءات التي ينتمي إليها الفرد وتحدد سلوكه.

 

أو كيفية إدراكه لنفسه، ويجدر بالذكر أنّ الهوية تتأثر بعدة خصائص خارجة عن سيطرة الأفراد، كالطول، والعرق، والطبقة الاجتماعية والاقتصادية، والآراء السياسية، والمواقف الأخلاقية، والمعتقدات الدينية، وتزيد معرفة الشخص لهويته من احترامه وفهمه لذاته، ولا تعد هوية الفرد ثابتة حيث تتغير وتتطور مع الزمن، وبعض الباحثين عرّفها بأنها هى مجموعة العقائد والمبادئ والخصائص التي تجعل أمة ما تشعر بمغايرتها للأمم الأخرى ولهذا كانت أمة الإسلامية خير أمة أخرجت للناس كما قال تعالى فى سورة آل عمران ” كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون”

 

وخيرية هذه الأمة نابعة من استقلاليتها التشريعية والعقائدية والسلوكية عن غيرها من الأمم الأخرى، وإنه ليس من القول بأن هنالك من يريد إيقاع الهوية الإسلامية في الذوبان بالكافر الذي يسمونه الآخر، إلا أن الهوية الإسلامية كمفهوم عقائدي وكأمة مسلمة معصومة من الذوبان، فإنها لن تقع في خطر الذوبان أو الانمحاق في الهويات الأخرى على وجه مطلق، فالله تعالى يقول فى سورة التوبة ” هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين ولو كرة المشركون” وقد تضعف الهوية الإسلامية لدى بعض المجتمعات دون بعضها الآخر، ولكن أن تذوب الهوية فهذا لا ولم ولن يكون، لأن هذا الدين محفوظ بحفظ الله وقد تكفل الله به.

 

فهنالك متربصون يتربصون بهويتنا الإسلامية وأمتنا الدوائر كما قال تعالى فى سورة البقرة ” ود كثير من أهل الكتاب لو يردوكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم” وهنالك تقارير معاصرة صدرت يتضح منها تمام الوضوح أن أعداء الإسلام يريدون محق الهوية الإسلامية الصحيحة وإزالتها، فقد كانت الهوية في الأصل قضية فلسفية ومنطقية غرسها العالم فرويد في علم النفس، وطوّرها العالم إريكسون الذي بيّن أن الهوية ليست فردية فحسب، بل هي قضية جماعية واجتماعية، تشمل الاختلافات والشعور بالانتماء بين الأشخاص والمجموعات وكما يُعرف تكوين الهوية وفقا لعلماء النفس بأنه العثور على الذات وفهمها من خلال مطابقة مواهب وقدرات الفرد مع الأدوار الاجتماعية المتاحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى