مقال

نفحات إيمانية ومع أصدق الحديث وطريق الرشاد ” جزء 7″

نفحات إيمانية ومع أصدق الحديث وطريق الرشاد ” جزء 7″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السابع مع أصدق الحديث وطريق الرشاد، وهكذا كانت الرسالة المحمدية رسالة إنسانية والرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم هو رسول الإنسانية، والقرآن الكريم هو كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وإذا تعرض الإنسان لأي ضعف في دينه فعليه بالقرآن، ويجب على المسلم أن يتأثر بالقرآن الكريم عند تلاوته ويتفاعل معه فيضطرب أو يهتز قلبه، ويشعر كأن القرآن يتنزل عليه هو في قراءته، إن من ينظر إلى الواقع الأليم يجد انحدارا ملحوظا في المعاني الإنسانية التي تربي عليها آباؤنا وأجدادنا ولذلك حينما تجلس مع أحد من كبار السن تجد هذه المعاني متأصلة فيهم وتجدها في سلم الانحدار فيمن بعدهم من شباب الموضة والمظاهر الخداعة.

 

وفي ذلك يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه “أتى على الناس زمان كان الرجل يدخل السوق ويقول من ترون لي أن أعامل من الناس؟ فيقال له عامل من شئت، ثم أتى زمان آخر كانوا يقولون عامل من شئت إلا فلانا وفلانا، ثم أتى زمان آخر فكان يقال لا تعامل أحدا إلا فلانا وفلانا، فما أحوج الأمة الإسلامية إلى تطبيق المعاني الإنسانية التي تربى عليها الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين إن هذه الإنسانية جعلت الواحد منهم يقضي كله من أجل احترام إنسانية الإنسان الذي أمامه مهما كان موضع كل منهما، فهذه خولة بنت ثعلبة ذات يوم مرت بعمر بن الخطاب رضي الله عنه أيام خلافته، وكان خارجا من المنزل، فاستوقفته طويلا ووعظته قائلة له يا عمر، كنت تدعى عميرا.

 

ثم قيل لك عمر، ثم قيل لك يا أمير المؤمنين، فاتق الله يا عمر، فإن من أيقن بالموت خاف الفوت، ومن أيقن بالحساب خاف العذاب، وعمر رضي الله عنه واقف يسمع كلامها بخشوع، فقيل له يا أمير المؤمنين، أتقف لهذه العجوز هذا الوقوف كله؟ فقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه، والله لو حبستني من أول النهار إلى آخره لا زلت إلا للصلاة المكتوبة، ثم سألهم أتدرون من هذه العجوز؟ قالوا،لا، قال رضي الله عنه هي التي قد سمع الله قولها من فوق سبع سماوات، أفيسمع رب العالمين قولها ولا يسمعه عمر؟ فما أحوج الأمة إلى القيم الإنسانية ولا سيما مع الضعفاء وذوي الاحتياجات وذلك بأن نقضي حاجتهم ونرفق بهم، فعن أنس رضي الله عنه أن امرأة كان في عقلها شيء.

 

فقالت يا رسول الله إن لي إليك حاجة فَقَال صلى الله عليه وسلم ” يا أم فلان، انظرى أى السكك شئت، حتى أقضى لك حاجتك ” فخلا معها فى بعض الطرق حتى فرغت من حاجتها ” رواه مسلم، وهذا من حلمه وتواضعه صلى الله عليه وسلم وصبره على قضاء حوائج ذوي الاحتياجات الخاصة، وفي هذا خير كثير وبركة عظيمة للأمة بوجود هؤلاء الضعفاء، بل إن وجود الضعفاء في المجتمع سبب لرفع الضر والعذاب عنا، فعن أبى هريرة رضى الله عنه، عن النبى صلى الله عليه وسلم قال ” لولا شيوخ ركع، وشباب خشع، وأطفال رضع، وبهائم رتع، لصب عليكم العذاب صبا ” فإننا نحتاج إلى أن نربي إنسانا بمعنى الكلمة نحتاج إلى زرع إنسان يبقى أثره مئات السنين.

 

كما قال أحدهم إذا أدرت أن تزرع لسنة فازرع قمحا، وإذا أردت أن تزرع لعشر سنوات فازرع شجرة، أما إذا أردت أن تزرع لمائة سنة فازرع إنسانا، فيجب أن لا تفقدوا الأمل في الإنسانية لأنها محيط، وإذا ما كانت بضع قطرات من المحيط قذرة، فلا يصبح المحيط بأكمله قذرا، فإننا نحتاج إلى إنسانية في التعامل مع الكبير، وإنسانية في التعامل مع المذنب، وإنسانية في التعامل مع المخطئ، وإنسانية في التعامل مع الحيوانات، وإنسانية في التعامل مع النساء، وإنسانية في التعامل مع غير المسلمين، وإنسانية في تعامل الطبيب مع المرضى، وإنسانية في تعامل رب العمل مع عماله، وإنسانيه في تعامل الموظفين والمسئولين والإداريين مع الجماهير وقضاء حوائجهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى